رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


القمة الإسلامية - الأمريكية .. وإرهاب أدعياء «الإمام الغائب»

قال عادل الجبير وزير الخارجية، في المؤتمر الصحافي الذي عقد يوم الخميس الماضي في وزارة الخارجية في مدينة الرياض، إن "التاريخ سيذكر القمة الأولى العربية- الإسلامية - الأمريكية بأنها نقطة تحول، من علاقة توتر إلى علاقة شراكة استراتيجية بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة والعالم الغربي، والعمل معا على إرساء السلام وبناء المجتمعات ومحاربة الإرهاب والتطرف"، وأن هذه القمة التي سيشارك في أعمالها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تعطي مؤشرا إيجابيا ودلالة عميقة للعمل معا في الحد من التوتر في المنطقة، وتشجيع الحوار بين أتباع الأديان السماوية، وإيضاح القيم الإنسانية التي تتفق فيها من عدل ومساواة ورحمة وسلام بين الشعوب.
وأريد أن أقتطع عبارة "العمل معا في إرساء السلام وبناء المجتمعات ومحاربة الإرهاب والتطرف"، وعبارة "تشجيع الحوار بين أتباع الأديان السماوية، وإيضاح القيم الإنسانية التي تتفق فيها من عدل ومساواة ورحمة وسلام بين الشعوب"، عما إذا كانت هذه العبارات يمكن أن تتحقق في وجود إيران التي تدعي أنها جمهورية إسلامية وهي كما قال عنها الأمير محمد بن سلمان في لقائه مع داود الشريان ما مفاده" أن إيران تنتظر "المهدي" وتريد تحضير بيئة خصبة له وتريد السيطرة على العالم الإسلامي، وأنه لا يمكن التفاهم مع نظام لديه قناعة مرسخة أنه نظام قائم على آيديولوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره ومنصوص عليها في وصية روح الله الموسوي الخميني زعيم الثورة الإيرانية الراحل، بأنه يجب أن يسيطروا على مسلمي العالم الإسلامي ونشر المذهب الجعفري الاثني عشري الخاص بهم في جميع أنحاء العالم الإسلامي حتى يظهر المهدي الذي ينتظرونه".
وحقيقة شاهدت مقاطع كثيرة لملالي المذهب الاثني عشري يتحدثون عن المهدي المنتظر بما يخالف أبسط مبادئ الدين الإسلامي، وأبسط مبادئ التفكير المنطقي. ورغم أن هذه المقاطع تثير السخرية والضحك لدرجة كبيرة، إلا أنني أدركت حينها وبما رأيته من مقاطع أخرى ترسخ الخرافة في العقل الجمعي لأتباع المرجعيات التي تدور في فلك الولي الفقيه الفارسي الذي تطور إلى نائب المهدي المنتظر، أن الجمهورية الإيرانية وأذرعتها الأيديولوجية المسيسة تطبق استراتيجية التجهيل الجمعي من خلال ترسيخ الخرافة في عقول الأتباع كسبيل لفهم الواقع وإن كان مرا وكارثيا ومتخلفا وقبوله والتعايش معه، وكسبيل لبناء المواقف والسلوكيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أني توقعت أن المواطنين العرب من أتباع المذهب الاثنى عشري لن تنطلي عليهم الحيلة لكن الواقع وللأسف الشديد يقول خلاف ذلك.
نعم فقد اندمج كثير من العرب الشيعة في المشروع الفارسي وأسهموا في تدمير بلدانهم، كما أسهموا في تدمير واستنزاف البلدان العربية المجاورة، وبشهادة بعض قادة الشيعة في المشروع العراقي على سبيل المثال لا الحصر، ولنا في عشرات الميليشيات الشيعية الإرهابية متعددة المسميات التي تحمل السلاح داخل العراق، ولبنان، وسورية، واليمن وأسقطت أو أضعفت سلطة الدولة بشكل كبير خير مثال، ولنا أيضا مثال آخر في حراك مجموعات الإرهاب في دول الخليج بمسمياتها التي تؤكد انتماءها وتبعيتها للمشروع الفارسي وإن تدثرت في حراكها السياسي والعسكري بأسباب وطنية أو حقوقية أو غير ذلك.
كل هؤلاء ضحايا لعلم التجهيل الذي يقوم على توصيل معلومات خاطئة لأكبر عدد من الناس بحيث يصدقونها ويؤمنوا بصحتها ويحاربوا من أجلها لأنها أصبحت عندهم حقيقة، ولقد استطاعت إيران الملالي حشد الجماهير الفارسية داخل إيران والعربية خارجها من خلال التوظيف السياسي لفكرة المهدي المنتظر، حيث تظهر تركز الروايات الإيرانية حول المهدي المنتظر لحشد الإيرانيين والعرب من أتباع المذهب الاثني عشري ضمن منظومة عقائدية متكاملة تبدأ باسم الله والمهدي مرورا بالرابط الفقيه ونائب المهدي على الأرض، لحضهم على عدم الخروج عن طاعة "ولي الأمر الفقيه" من ناحية، ولتنفيذ متطلبات خروج المهدي من غيبته بتدمير الدول العربية خصوصا ذات الأغلبية السنية كالسعودية وبقية دول الخليج العربي، وسورية، ومصر، واليمن، إضافة إلى العراق ولبنان وهي دول متعددة الطوائف وللطائفة الشيعية نسبة عالية من سكانها.
السؤال، كيف للقمة الإسلامية - الأمريكية التي تستهدف العمل معا لإرساء السلام وبناء المجتمعات ومحاربة الإرهاب والتطرف في ظل منظومة تجهيل إرهابية يعمل فيها "الخامنئي" كنائب لـ "المهدي المنتظر" وبالتالي فهو يحمل صفات الله أو معظمها، ويقود سياسة إيرانية إرهابية للتوسع في المنطقة من خلال منظومة ميليشيات إرهابية يقودها الحرس الثوري الإيراني، والتنظيمات الإرهابية التابعة له، كحزب الله اللبناني، وعصائب أهل الحق، وميليشيا أبو الفضل العباس، وعشرات الميليشيات الإرهابية الأخرى؟
لا شك أن عدم حضور إيران لهذه القمة مؤشر على فشل استراتيجيتها في إلصاق تهمة الإرهاب بمعتنقي المذهب السني وهم الغالبية العظمى من المسلمين، وكذلك فشلها في تقديم نفسها كحليف للغرب في محاربة الإرهاب، حيث بات من الواضح أنها المصدر الأساس للإرهاب في المنطقة والعالم، والبيئة المفرخة والحاضنة لميليشياته بما في ذلك «القاعدة» و«داعش»، كما أنها تمول الإرهاب وتدعمه بالمال والسلاح والمواقف السياسية، ولكن لا يزال أمام المؤتمرين تحد كبير وهو كيف يتم إبطال مفعول المخطط الإيراني الذي نشر الإرهاب، ودعم عناصره، وأنهك المنطقة العربية والإسلامية، واستنزف خيراتها، وأسهم في تعطيل خطط التنمية فيها، وإن لم يحقق مآربه النهائية في التوسيع والسيطرة على العالمين العربي والإسلامي؟ وكيف تتم مقاومة الفكر التجهيلي الإيراني في المنطقة لإنقاذها من مآسي مخرجات هذا العلم الكارثية؟
ختاما، القمة بذاتها إنجاز كبير للسعودية لكونها حولت الموقف الغربي من لصق تهمة الإرهاب بالدول الإسلامية إلى العمل معها كضحية له، وقوة فاعلة في محاربته والقضاء عليه، وسيكون النجاح أكبر أثرا، والإنجاز أكثر فاعلية في حال إبطال المشروع الإيراني الإرهابي التوسعي، وإنقاذ الشعب الإيراني وشعوب المنطقة من هذا المشروع التدميري.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي