رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


السيارات .. مصروفات الحكومة

ذكر الأمير محمد بن سلمان في حديثه الشامل بتاريخ الثالث من أيار (مايو) أن مجموع مشتريات الحكومة من السيارات لعام 2016 بلغ نحو 13 مليار دولار "لم يذكر الأمير العام بالتحديد ولكنه ضمنيا أقرب عام مالي" في عرض حديثه عن فرص المملكة للاستثمار داخليا بدلا من الاستيراد. هذا الرقم يعادل تقريبا ضعف ميزانية إحدى الدول المجاورة للعام نفسه. إذا أخذنا متوسط سعر السيارة بنحو 130 ألف ريال فإن المملكة استوردت نحو 325 ألف سيارة أي أكثر من نصف السيارات المستوردة في العام نفسه على الرغم من انخفاض عدد السيارات بنسبة 24 في المائة مقارنة بعام 2015. ما ذكره الأمير توجه سليم خاصة أن لدى المملكة بعض التجميع والمواد التي تدخل في صناعة السيارات المعدنية والبلاستيك بأنواعه. ولكن ما أنا بصدده في هذا العمود مختلف بعض الشيء. كان الرقم مفاجأة لبعض المراقبين خاصة أن المملكة بلد مفتوح تجاريا وسوق السيارات الخاصة كبيرة.
التوجه الذي أعلن عنه الأمير استثماري في المقام الأول وهذا في نظري توجه سليم يخدم الوطن في المدى البعيد ولذلك علينا مزيد من التوفير كي نتمكن من التوسع في الاستثمار. استيراد السيارات لهذا الغرض استهلاكي في المقام الأول، ولذلك فإن تقليص الاستهلاك العام أول خطوة عملية لإعادة الأولويات الاقتصادية. توفير المال يعطينا المرونة لتنويع القاعدة الاستثمارية وليس الاستثمار في السيارات فقط خاصة أن لدى المملكة نقصا مؤثرا في الاستثمارات الرأسمالية على مدى العقود الماضية وخاصة البنية التحتية المادية والبشرية. هذا الرقم المذهل قادني للتساؤل حول طبيعة المستفيدين من السيارات. المعروف رسميا أن كثيرا من الجهات الحكومية تمنح سيارات لمنسوبيها حين يصلوا إلى رتب معينة مدنية أو عسكرية "أو تمنح مبلغا ماليا أوالمشتري يدفع المبلغ المتبقي كي يحصل على السيارة المناسبة له"، كما أن هناك أنواعا من السيارات تستعمل لأغراض عملية لعديد من الجهات الحكومية. تقدير وفرز هذه الأغراض صعب ليس بسبب التجاوزات بأنواعها الناعمة والصلبة منها وما بينهما. ولكن بعد الحديث مع بعض العارفين المتقاعدين وذوي الخبرة بدا واضحا أن أغلب السيارات لم تدخل تحت المنح الرسمية أو الأغراض العملية ولكن من خلال ممارسات تبدو في منطقة رمادية. المنطقة الرمادية لها أيضا عدة درجات فمثلا من خلال تعاقدات لا أتذكر السيارات في الغالب تحت أي تصنيف.
الواضح أن هناك فرصة لتوفير المال من ناحية، وهناك فرصة لترشيد الاستهلاك، وهناك فرصة للبحث والتقصي كي نقلل المساحات المطاطية والرمادية. كما أن المؤشر يعطي رسالة خطأ لمن يبحث عن وظيفة في القطاع الخاص إذ إن هناك مصالح غير دقيقة لكثير من موظفي القطاع العام. هذه أرقام كبيرة ولكن يصعب القبول بهذه المصروفات العالية. يصعب أن يستحق أكثر من 20 ألف موظف سيارة ويصعب أن تحتاج القطاعات العامة إلى أكثر من 30 ألف سيارة أخرى. هذه طبعا أرقام تقديرية توصلت إليها من خلال حديث عابر مع بعض الزملاء والمهتمين والدقة مطلوبة لرفع الكفاءة والتفعيل الإداري.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي