رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


بيان الميزانية يقلل العجز المالي والإنفاق

أصدرت وزارة المالية- لأول مرة- تقريرا ربع سنوي عن أداء الميزانية في عام 2017م. ويعزز نشر هذا التقرير شفافية التطورات المالية للدولة، وهو أمر إيجابي ومرحب به من قبل الأسواق والمؤسسات الإقليمية والدولية والمختصين بالشؤون المالية. وكان يقتصر الاطلاع على البيانات الربعية ومناقشتها داخليا على الإدارات الحكومية المختصة. ويتضمن التقرير أهم التطورات المالية لميزانية الدولة في عام 2016م والربع الأول من عام 2017م. ويبرز التقرير تغيرات الإيرادات والمصروفات والدين العام والعجز المالي. بدأ التقرير بتحديث بيانات ميزانية الدولة لعام 2016م، حيث تحسنت الإيرادات الفعلية غير النفطية بنحو 5.7 مليار ريال في عام 2016م عن تقديرات بيان الميزانية السنوي، كما انخفضت المصروفات الفعلية بعشرة مليارات ريال. وقد أدى هذا إلى خفض العجز المالي بنحو 15.6 مليار ريال عن تقديرات البيان الصادر في نهاية العام الماضي. ويمول العجز المالي إما بخفض إيداعات الدولة لدى مؤسسة النقد أو بالاقتراض (ويمكن تمويله أيضا ببيع أصول الدولة، ولكن لم تحدث عمليات بيع أصول رئيسية منذ فترة طويلة).
أما بالنسبة للتطورات المالية للربع الأول من 2017م فيذكر التقرير وصول إجمالي المصروفات والإيرادات إلى 170 مليارا، و144 مليار ريال على التوالي. وهذا يعني حسب التقرير أن العجز المالي كان في حدود 26.2 مليار ريال. من جهة أخرى، لم تلجأ الدولة للاقتراض في هذا الربع، بل إنها خفضت حجم الدين العام مسددة 8.7 مليار ريال من أصل الدين العام، ما أجبره على التراجع إلى 307.9 مليار ريال. وقد تم في هذه الفترة تمويل العجز المالي وسدادات الدين من حسابات الدولة لدى المؤسسة، ما يعني تراجع هذه الحسابات بإجمالي العجز المالي وسدادات الدين، أي بنحو 34.9 مليار ريال. ولكن تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي لشهر مارس 2017م يظهر تراجعا أكبر لودائع واحتياطيات الدولة خلال الربع الأول 2017 من إجمالي العجز المالي وسدادات الدين الواردة في تقرير الوزارة لنفس الفترة. وتذكر بيانات المؤسسة بأن الحساب الجاري للدولة تراجع من 89.1 مليار ريال في نهاية 2016م إلى 38.5 مليار ريال في نهاية الربع الأول من 2017م، أي أنه انخفض بنحو 50.6 مليار ريال خلال الربع الأول، بينما ارتفعت احتياطيات الدولة بأقل من 0.4 مليار ريال. وبهذا انخفض إجمالي إيداعات الدولة لدى المؤسسة خلال الربع الأول من عام 2017 بنحو 50.3 مليار ريال.
إن بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي حول تغير إجمالي إيداعات الدولة خلال الربع الأول 2017م لا تتوافق مع بيانات العجز المالي وسدادات الدين العام في تقرير الميزانية، حيث يوجد فرق مقداره 15.4 مليار ريال بين تراجع الإيداعات وبين إجمالي العجز المالي وسدادات الدين، التي وردت في التقرير. وإذا صحت بيانات المؤسسة حول إيداعات الدولة – وهو المرجح – فهذا يعني عدم تضمين التقرير مصروفات تصل إلى 15.4 مليار ريال في إجمالي المصروفات ربع السنوية. ولو أدخل هذا المبلغ ضمن بيانات المصروفات لارتفع إجمالي مصروفات الدولة الفعلية خلال هذا الربع إلى 185.7 مليار ريال ولارتفع العجز المالي الفعلي في الربع الأول 2017 إلى 41.6 مليار ريال.
وهذه ليست المرة الأولى، التي تقلل بيانات الميزانية من إجمالي المصروفات والعجز المالي، حيث تذكر بيانات الميزانيات السابقة بأن هناك مصروفات على مشاريع من ميزانيات سابقة ولا تدخلها ضمن إجمالي المصروفات خلال العام المالي. وقد ورد مثلا في بيان الميزانية السنوي الذي صدر في نهاية العام الماضي بأن هناك مصروفات تخص الأعوام السابقة خلال فترة السنة المالية 2016م وصلت إلى نحو 105 مليارات ريال، ولم يدخل البيان هذه المصروفات ضمن إجمالي مصروفات العام المالي، كما لم يعتبرها في حساب العجز المالي مما خفض إجمالي الإنفاق الحكومي والعجز المالي الفعلي في بيان الميزانية خلال 2016م بنحو 105 مليارات ريال. وكانت الدولة قد أودعت مئات مليارات الريالات من فوائض الأعوام السابقة في حسابات خاصة للمشاريع الضخمة مثل مشاريع النقل العام والإسكان. واستمر الصرف من هذه الحسابات خلال السنوات الماضية حتى الوقت الحالي، ولكن يبدو أن بيانات الميزانيات لا تدخل المصروفات من هذه الحسابات ضمن إجمالي المصروفات الواردة في بياناتها، ما تسبب في خفض بيانات الإنفاق الحكومي والعجز المالي ( أو ضخم من الفائض أحيانا) في السنوات الماضية. ويتأثر النشاط الاقتصادي في أي عام بالإنفاق الفعلي خلال العام، سواء كان من إيرادات تلك السنة أو من فوائض سنوات ماضية. ولهذا فإن من الأصوب محاسبيا تضمين الصرف من فوائض السنوات الماضية ضمن إجمالي مصروفات العام المالي، الذي تصرف فيه، وتعديل بيانات العجز ( أو الفائض) المالي لتتناسب مع بيانات الصرف الفعلي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي