ما أسباب نمو الاقتصاد؟
المقصود الأسباب المحلية لأي دولة، أما الخارجية فخارج نطاق المقال.
ينمو الاقتصاد نتيجة تحسن كمي وتحسن نوعي في عوامل نموه. وتسمى عوامل نموه أيضا بعوامل الإنتاج. وهذه العوامل تختصر في أربعة: 1 - الأرض. 2 - اليد العاملة أو العمل. 3 - رأس المال. 4 - التنظيم.
وطبعا العكس بالعكس. لا ينمو الاقتصاد إذا لم تتحسن عوامل الإنتاج. بل يمكن أن يتراجع وينخفض ويصغر الاقتصاد مع تدهور عوامل الإنتاج.
العامل الإنتاجي الأول الأرض: وتدخل فيها خصائصها الجغرافية وما عليها وما فيها من موارد طبيعية.
تحسين كمية ونوعية موارد الأراضي يعمل على تحسين النمو الاقتصادي، لكن وفرة كل مورد لها حدود، ولها تكلفة، وتزيد التكلفة مع زيادة الاستغلال، تبعا لقانون زيادة متوسط التكلفة مع التوسع. وعلى المستوى العالمي، هناك قلة نسبية في الأراضي المناسبة أكثر لمواجهة تزايد عدد السكان، ويلاحظ عالميا تزايد متوسطات أسعار الأراضي مع اتساع وزيادة سكان المدن.
في علم الاقتصاد قانون تناقص العائد أو الغلة، وينطبق عادة على قطاع الزراعة أكثر من غيره. ماذا يقول هذا القانون؟ تنخفض "عادة" إنتاجية العامل عند استخدام كمية متزايدة من اليد العاملة على كمية ثابتة من الأرض "أو رأس المال المادي". يخفف من مشكلة انخفاض إنتاجية العامل إدخال تحسينات في نوعية الأرض، باستخدام أو تطوير تقنية أفضل تزيد من الإنتاجية.
العامل الثاني العمل: ويعني باختصار أن تحسين كمية ونوعية أو إنتاجية الموارد البشرية يزيد من النمو الاقتصادي.
من الناحية الكمية، فإن زيادة عدد المشتغلين في الاقتصاد تعني توافر جهد بشري أكثر، وهذا يسهم في نمو الاقتصاد. ومن جهة أخرى، زيادة عدد السكان العاملين تؤدي إلى زيادة الطلب فزيادة حجم الاقتصاد. وإذا كان عدد السكان ينمو بمعدل أسرع من نمو الناتج المحلي الإجمالي فإن الناتج المحلي الإجمالي للفرد سينخفض. عموما، قد ينمو الاقتصاد بمثل أو أعلى أو أقل من نسبة نمو السكان أو اليد العاملة. يعتمد ذلك على عوامل أخرى منها نوعية نمو واستخدام الموارد البشرية.
ينظر إلى تحسين مهارات القوة العاملة على أنها مفتاح مهم للنمو الاقتصادي. وقد بذلت بلدان كثيرة، كانت من أفقر وأقل البلدان نموا، جهودا هائلة لتوفير التعليم الابتدائي للجميع. ثم بذلت جهودا إضافية لتكتسب اليد العاملة فيها مهارات عالية المستوى، وبذلت جهودا في استغلال وتوظيف هذه اليد العاملة، والإنفاق على التعليم والتدريب ينطوي على تكلفة فرصه من حيث التنازل عن الاستهلاك الحالي، أي أنه إنفاق استثماري عائده فيما بعد.
العامل الثالث رأس المال: يمكن التمييز بين:
1 - رأس المال المنتج مباشرة ــ المنشآت والمباني "شاملا المباني السكنية" والمعدات، على سبيل المثال.
2 - رأس المال الإنتاجي غير المباشر ــ البنية التحتية كالطرق.
وتشغيل رأس المال استثمار رأسمالي، والبديل هو الاستهلاك الحالي الضائع "تكلفة الفرصة البديلة".
يؤثر مدى حجم وجودة رأس المال عبر الاستثمار الرأسمالي تأثيرا مباشرا في مستوى النمو الاقتصادي. وتتوقف كفاءة القوى العاملة وعوامل الإنتاج الأخرى على مقدار ونوعية رأس المال لديها. ويأتي بعض الاستثمار من الخارج في شكل استثمار أجنبي مباشر. وإذا تحرك الإنتاج من معتمد على يد عاملة كثيفة إلى معتمد على رأسمال كثيف، فإن البطالة تزيد، ويحتمل الفقر. والحاجة في بلادنا إلى رأس المال الأجنبي إذا جلب المهارات، وإذا لم يجلب فإننا لا نحتاج إليه.
العامل الرابع التنظيم: طبيعة التنظيم داخل المنشأة وخارجها "بما في ذلك طبيعة الثقافة والبناء المؤسسي الذي يحكم العلاقات بين الناس داخل الدولة" يؤثر في جودة أداء واستغلال العوامل الثلاثة السابقة. مثلا، كيف يدار العمل؟ ما طبيعة العادات والبنية الثقافية والاجتماعية ومستوى الاستقرار والأمان السياسي والتنظيم الحكومي؟ ينظر إليها على أنها عوامل تزيد أو تضعف أداء عوامل الإنتاج الثلاثة السابقة. ومما يؤثر في تلك العوامل مدى التشجيع على الأعمال الحرة وعلى الابتكارات، ومما يؤثر أيضا طبيعة وقوة البناء القضائي. ومما يؤثر مدى تسهيل حركة وعمل رأس المال.
نقطة أخيرة. العوامل السابقة ليست سواء في الأهمية بين المجتمعات، وقد يعوض ضعف عامل بقوة عامل آخر.