ساعات العمل في رمضان
يشكل رمضان مع إجازة العيد التي عادة ليست قصيرة نحو 10 في المائة من ساعات العمل السنوية. الإنتاجية لدينا ليست على ما يرام بينما لدينا برامج طموحة متمثلة بـ «الرؤية» والبرامج المترابطة التي شدد عليها الأمير محمد بن سلمان حديثا في مقابلته التلفزيونية. في هذه الأثناء شدني إعلان أرامكو عن ساعات العمل في رمضان التي تغيرت منذ العام الماضي فقط لتصبح بدلا من الساعة السادسة صباحا إلى الواحدة ظهرا لتصبح من التاسعة صباحا إلى الثالثة ظهرا. يبدو أن التغيير جاء بناء على رغبة الغالبية من منسوبي الشركة إما أسوة بالمجتمع أو تماشيا مع متطلبات الحياة العامة في مجتمع تعود على الاسترخاء واستغلال كل فجوة لتكريس الكسل. كتبت عدة مرات أنادي بأن يتعلم القطاع العام من تجربة «أرامكو» ولكن الذي حدث أن «أرامكو» بدأت تتطبع بالقطاع العام. النزعة البشرية مفهومة ولكن التغيير دون حسابات منطقية يؤثر في الإنتاجية وسلوك العمل.
الظروف الموضوعية في المملكة تكمن في عنصرين: الأول بيئي حيث إن رمضان يتطلب ساعات عمل أقل بسبب الصوم أثناء الحر، والثاني هناك مسؤولية إدارية لتنمية الإنتاجية نظرا لما وصلت إليه الحال الاقتصادية وضرورة التطوير. أطول مدة مناسبة في الشهر الفضيل تتعامل مع العنصرين أن تكون ساعات العمل بين الساعة السادسة صباحا إلى موعد أذان صلاة الظهر. بعد ذلك الوقت تكون الحرارة في أوجها والعطاء في تناقص. مراعاة خواطر الناس من خلال كسل القطاع العام يتضمن تنازلات لن تمر دون تكلفة مجتمعية اقتصادية ومعنوية. قد تكون هناك إمكانية أن يجاري القطاع العام في المنطقة الشرقية «أرامكو» وليس العكس. التردد في التجريب أحد عيوب مسيرة المملكة التنموية.
المدهش في الموضوع أننا ننادي بإعادة ممارسة كانت قائمة إلى قبل نحو ثلاثة عقود حين بدأت المملكة تتوغل في الاستهلاك وطلاق الاقتصاد عن الإنتاجية وحتى قياس القوى الاقتصادية. الأجدى أن يكون هناك تقديم لساعات الدوام وليس تأخيره أو على الأقل الحفاظ على ساعات الدوام وتقليصها ساعة في النهاية. كما يبدو أن تقليص وتأخير ساعات العمل لا يواكب حراكا مختلفا في التعامل مع النواحي المعنوية التي نعلقها على الشهر الفضيل. في ظل الرؤية الاقتصادية ورغبة الحكومة المبرمجة للتغيير أعتقد أن هناك خطوات صغيرة كثيرة كفيلة بتغيير تصرفات الناس، لن تغير المسار الاقتصادي وحدها ولكنها مجتمعة تستطيع. التغيير الاقتصادي في الأخير مصدره تغيير تصرفات الناس أفرادا وجماعات، ولذلك أرى أن التعامل مع ساعات الدوام في رمضان أحدها، وحان الوقت للتعامل مع الأمور بجدية أكثر كي نتمكن من التعامل مع المسائل الكبيرة. الخطط الكبيرة والعامة لن تمر إذا استمر تجاوز محصلة تصرفات الناس.