غرباء يحتلون حياتك

العقل نعمة وهو المحرك الحقيقي لمشاعرنا والحكم الأمين على تصرفاتنا وحين يختل تختل معه موازين الحياة، فتفقد مشاعرك وتسيء التصرف فتغضب ممن حولك، هذا في الحالات البسيطة. لكن تخيل لو وصلت بك درجة الاضطراب والخلل إلى حد أن تحاول التخلص من أقرب الناس لك بالقتل!
انظر ماذا فعلت إيناس بزوجها وأخته وابن أخته! كانوا يعيشون في أفضل حال إلى أن حدث لرانيا حادث سيارة وتمركزت الإصابة في الرأس. بعدها بدأت رانيا تشك في من حولها وتشعر أنهم أناس آخرون لا تطيق العيش معهم!
ومن إحدى الغرف في مستشفى الأمراض العقلية سمع دوي الرصاص، وعندما حضر الرجال وجدوا رانيا غارقة في دمها وامرأة تركض في الممرات، وبعد القبض عليها تبين أنها نسرين أخت زوج رانيا لتصرخ وتقول: أخذت حقي وحق أخي!
وأصل الحكاية أن رانيا قامت بقتل زوجها وابنتها وبنت أخته لشعورها أنهم أغراب يحتلون حياتها!
شخّص الأطباء حالة رانيا بأنها تعاني (وهم كابجراس) وهو من أكثر الأمراض غرابة وخطورة حيث يتخيل المريض أنه تم استبدال أحد الأشخاص الذين يعرفهم بأشخاص آخرين وأخذوا شكلهم وهذا ما يسبب تغير المعاملة معه بالنسبة له، وقد يتطور الأمر إلى هرب المريض نفسه أو يقوم بقتل الشخص الوهمي حتى يظهر الشخص الحقيقي الذي كانت معاملته جيدة، وغالبا يظهر هذا المرض لمرضى الفصام "الشيزوفرينيا"، وأحيانا لمن يعانون الجنون، وكذلك المسنون، والذين يعانون الصداع النصفي، ومدمنو المخدرات، وكذلك بعض الذين تلقوا صدمات في قريب أو حبيب أساء معاملتهم، فيبدأ المريض بإقناع نفسه بأن قريبه تم استبداله لأنه من المستحيل أن تصدر عنه مثل هذه التصرفات!
ويعود السبب إلى حدوث قطع اتصال بين الفص الصدغي، المسؤول عن التعرف على الوجوه عن طريق النظر، والجهاز الحوفي المسؤول عن المشاعر والعواطف، وعندما ينقطع الاتصال بين هاتين المنطقتين فإن المريض يتعرف على الوجوه، ولكنه لا يستطيع التعبير عن المشاعر الخاصة بالشخص الذي أمامه!
وقد تعزى لهذا المرض حالات قتل أقرب المقربين مثل الوالدين أو الأبناء، وربما يكون الإرهابيون قد استخدموه لتضليل بعض من جندوهم لقتل أقاربهم بدم بارد. هذه زوجة رغم أنها عاشت مع زوجها أكثر من 40 عاما إلا أنها توهمت أن زوجها تم استبداله بشخص آخر يشبهه يريد إلحاق الأذى بها ولذلك رفضت تماما النوم معه وقامت بحبس نفسها في غرفة أخرى مغلقة بابها، وطلبت من ابنها شراء مسدس للدفاع عن نفسها ضد ذلك الغريب!