التوطين .. والسعودة الوهمية
لو لم يكن في السعودية فرص عمل وافرة وبالملايين لما وجدنا أكثر من عشرة ملايين وافد في المملكة، وجود هذا الكم الهائل من العمالة الأجنبية وارتفاع معدل البطالة بين السعوديين سواء كانوا رجالا أو نساء يشير إلى خلل مستفحل في سوق العمل.
يمكن أن نجتث داء البطالة من السعودية متى ما كان هناك قرارات جريئة وقوية في هذا الشأن، وأن نسعى بكل قوة إلى توطين الوظائف خاصة أن أغلبها يمكن أن يقوم بها أي سعودي ولا تحتاج إلى قدرات خارقة أو شهادات عالية ولكننا نفتقد للجرأة رغم أننا بدأنا فعلا بالتصحيح في السنوات الماضية، وتم توفير الآلاف من فرص العمل للسعوديين من خلال توطين بعض القطاعات، ولكن يجب ألا نتشدق بتلك الفرص التي تم توفيرها وحجم التوظيف الكبير بين الشباب السعوديين في القطاع الخاص متى ما علمنا أن كثيرا من عمليات التوطين تمت عبر "السعودة الوهمية".
لم نستطع بعد وقف ما يسمى بـ"السعودة الوهمية"، ولم نجد لها حلولا حتى الآن رغم انتشارها في أكثر من قطاع، وهي من الأسباب الرئيسة التي أحبطت كثيرا من عمليات التوطين، وأسهمت في التحايل على الأنظمة ولا شك أننا كمواطنين نتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية عندما نسمح لأبنائنا بالانخراط في التوظيف الوهمي الذي لا يمكن أن ينتج عنه شباب يعمل، أو نهضة وتطوير بسواعد أبناء الوطن، ويجعلنا دوما في حاجة ماسة إلى العامل الأجنبي.
التوطين الجزئي لا شك أنه مدخل للتحايل واللجوء للسعودة الوهمية ذات المرتبات الزهيدة، ولكنها تختفي -أي: السعودة الوهمية- عندما يكون التوطين بشكل كامل و100 في المائة كما نشاهده في قطاع الاتصالات الذي تحقق، بعد أن تم التدريب أولا قبل التوطين.
الآن نحن أمام خطوة مماثلة لتوطين قطاع الاتصالات، ألا وهي قرار قصر العمل في المولات المغلقة على السعوديين، وهو إضافة مهمة لخطة التوطين، فقصر العمل على السعوديين سيجنبنا التوظيف الوهمي، وسيجنبنا التحايل والأهم من كل ذلك أنه سيوفر أكثر من 35 ألف فرصة عمل ستخفض حتما من نسبة البطالة المرتفعة بين السعوديين.