رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


كيف يسهم التعليم الأهلي في التنمية؟

التعليم، والصحة قطاعان، كبيران يعمل فيهما مئات الآلاف من السعوديين، وغيرهم من المتخصصين من جنسيات عدة، ومع أن التعليم تمت سعودة معظم وظائفه خاصة في القطاع الحكومي إلا أن القطاع الأهلي لا يزال يعمل فيه كثير من الوافدين. وقد يكون السبب الذي يكمن وراء هذا الوضع في التعليم الأهلي انخفاض الرواتب، مقارنا بالقطاع الحكومي، وهذا لا يشجع السعوديين على العمل في المدارس الأهلية، على الرغم من أن المتعاقد يكلف تذاكر سفر، وبدل سكن، وتأمينا صحيا، وهذه كلها لا يحصل عليها المواطن الذي يعمل في قطاع التعليم الأهلي.
اطلعت على لائحة المدارس الأهلية في المملكة فوجدتها تشتمل على كثير من المواد الجيدة إلا أن مقارنة سريعة لبعض المواد بواقع بعض المدارس الأهلية يكشف البون الشاسع بين اللوائح، وواقع الحال، فمما ورد في المادة الثالثة أن يكون موقع المدرسة مناسبا، ومناسبة الموقع تعني بعد المدرسة عن مواطن الزحام، والتلوث، والتقاطعات، بهدف تحقيق مناخ تعليمي هادئ، بعيد عن الضوضاء، إضافة إلى تحقيق الأمان للطلاب عند الدخول، والخروج، وسهولة خروجهم وقت الطوارئ.
كما ورد في المادة الثالثة أيضا تأكيد أن يكون المبنى المدرسي سليما ومناسبا، ومستوفيا الشروط الصحية، ولو قارنا وضع بعض المدارس بهذا الشرط لتأكد انتفاؤه كليا، وقد رأيت بعض المدارس، ورثيت لوضع طلابها كيف يستطيعون البقاء فيها، ولو لساعة واحدة، وماذا سيتعلمون في مبنى بئيس، متهالك لا يرون الشمس، ولا يشمون رائحة الهواء الطبيعي! أما ما يتعلق بتوفير الموظفين الإداريين، والفنيين فلا أعتقد توافره بالشكل الصحيح، فطالما تم الإخلال بشرط المبنى والموقع، وهما عنصران أساسيان لإجازة افتتاح المدرسة الأهلية، وظاهرة للعيان لا يحتاج التأكد منها إلى جهد يذكر، فلا يستبعد عدم الاهتمام به من قبل الجهة المسؤولة.
الإعانات المالية والعينية للمدرسة من قبل جهة الإشراف وردت في ثلاث فقرات ضمن المادة الـ 13، حيث أشارت إلى منح المدرسة التي تحقق أرباحا إعانة نقدية، أو عينية، أو فنية، أما المدارس التي لا تستهدف الربح فيمكنها تقديم ميزانيتها لوزارة المالية للنظر في تغطية ما يلحقها من عجز مالي، إضافة إلى المساعدات العينية، والفنية، وإعارتها ما تحتاج إليه من مبان، وملاعب. التأمل في هذه الفقرات يكشف منحى التنازل من قبل جهة الإشراف عن الشروط الواجب توافرها في أي منشأة تعليمية، وأول هذه الشروط، وأهمها قدرة صاحب الترخيص على افتتاح مدرسة مكتملة الشروط من الجوانب كافة.
تأملت في اللائحة فألفيت أنها ضعيفة، ولم يحظ المستوى التعليمي، والتربوي ما يستحقه من اهتمام، رغم أنه حجر الزاوية في أي عمل تعليمي، وما ورد في المادة الـ 16 من حق جهة الإشراف تقرير قبول نتائج الامتحانات الداخلية للمدارس الأهلية كمؤهل للالتحاق بالمدارس التابعة للإشراف فهمت منه إمكانية اعتماد الشهادة الابتدائية المتحصل عليها من مدرسة أهلية ليلتحق صاحبها بمدرسة متوسطة حكومية، وهذا لا يعني الاهتمام بالجودة التعليمية إطلاقا، مع ما يتضمنه ذلك من تناقض، فطالما أن المدرسة مرخص لها، وتزاول عملها فمن البدهي إتاحة الفرصة للانتقال بين مدارس التعليم الأهلي، ونظيره الحكومي، ولعل في هذه المادة ما يفهم على أنه تنازل عن معايير الجودة، سواء في التعليم الأهلي، أو الحكومي.
المادة الـ 23 نصت على العقوبة الممكن فرضها على من يخل بأحكام اللائحة على أن تكون الغرامة المالية ما بين 500 ريال، ولا تزيد على خمسة آلاف ريال، وهذا يؤكد مرة أخرى ما يمكن اعتباره تنازلا عن الجودة التعليمية، فعقوبة خمسة آلاف ريال كحد أقصى لا تعني شيئا لمن يفتتح مدرسة بهدف جمع المال، ويربح أموالا طائلة.
ما نلمسه في الجامعة من مستوى متدن في المهارات الأساسية للطلاب، وما يقر به الطلاب أنفسهم من ضعف التعليم في المدارس الأهلية، بل من اطلاع الطلاب على أسئلة الامتحانات، وغش واضح وبلا تستر، يؤكد الحاجة الماسة إلى ضوابط أكثر جدية، واهتماما بالجودة، والكيف، وعدم محاباة ملاك المدارس الأهلية على حساب المصلحة الوطنية، خاصة أن الوطن مقبل على مرحلة جديدة في تاريخه وفق "رؤية 2030"، التي تتطلب كوادر وطنية مؤهلة تأهيلا عاليا يمكنها القيام بأعباء، ومتطلبات المرحلة التي تحمل في طياتها كثيرا من التحديات.
ما سبقت الإشارة إليه من ملاحظات لا يمكن تعميمه على جميع المدارس الأهلية، فبعضها ذات مبان راقية، وتجهيزات جيدة، كما أنها تستقطب كفاءات جيدة، وتدفع رواتب، ومزايا جيدة، وتخضع لإدارات جيدة تعنى بالجودة، وتنأى بنفسها عن الفوضى والتسيب الذي يميز غيرها من المدارس، وبهدف الرفع من مستوى المدارس الأهلية يلزم تطبيق لائحة التعليم الأهلي بشكل دقيق دونما تساهل ومحاباة على حساب مصلحة الوطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي