بخط يدك
تشرفت بمحاورة عبدالله بن صالح بن جمعة الرئيس الأسبق لـ"أرامكو" السعودية، خلال جلسات منتدى الغد الخامس. وشكرته خلال الحوار على رسالة كتبها لي بخط يده خلال عملي في الشركة.
وسألته عن سر حرصه على كتابة الرسائل لموظفيه بخط يده، فأجاب قائلا: "الرسالة بخط اليد لها معنى خاص. تنقل مشاعر دافئة وخاصة. أكثر وأعمق تأثيرا، بينما الرسالة المطبوعة أقل حرارة وبلا مشاعر".
وبالفعل فما زلت محتفظا بالرسالة التي كتبها لي رغم مضي أكثر من عشر سنوات عليها. لم تصدأ أو تذبل. ما زالت تشع بريقا.
لا شيء يماثل الكتابة بخط اليد. فالرسائل المطبوعة كالطعام المعلب بلا نكهة وبلا نفس وروح.
يشير ابن جمعة إلى أنه كان يحث زملاءه على عدم الاكتفاء بالتواصل مع الموظفين بـ"الإيميلات" والخطابات، بل يطالب بزيارتهم ومحاورتهم والجلوس معهم. فهو يرى أن التواصل عبر الأجهزة ميكانيكي ويوجد فجوات كبيرة. في حين التواصل المباشر يسد الفجوات ويعمق العلاقات.
يستهين كثير من المسؤولين بأهمية هذه المهارات الناعمة، لكنها تثبت يوما بعد يوم حجم فاعليتها وكفاءتها. فالمهارات الناعمة التي تركز على التواصل الذكي الفعال والعاطفي تزيد من أواصر الود بين الزملاء وتنعكس إيجابا على المنظومة والعلاقات الإنسانية.
يقول دوجلاس كونانت، الذي ترأس عدة شركات، إن أعظم طريقة تكافئ فيها زملاءك أن تكتب لهم. يؤكد: "سيشعرون بأهميتهم لديك، أن تنفق وقتا لتكتب لهم جملة أو كلمة فأنت تفعل الكثير بالقليل".
يا صديقي، حينما تكتب بخط يدك فأنت تبوح، تفوح عطرا وعبيرا تسكبه يدك لتعلق رائحته الزكية على الورق.
حينما تكتب بخط يدك، فأنت تصافح من ستصله الرسالة. سيرى ابتسامتك رغم أنه لا يراها.
حينما تكتب بخط يدك فأنت تنحني تقديرا للحرف الذي تنزفه فتعزف أجمل الكلمات.
حينما تكتب بخط يدك فأنت تحشد كل مشاعرك وأحاسيسك ونبضك وتنقلها إلى أصابعك بإخلاص. تتحد أصابعك بتفان وتلتف حول القلم بدفء لتتدفق كلماتك حارة صادقة.