الفقاعات .. تصنعها شائعات
طبعا نعرف أنه مرت بنا فقاعة أسهم وفقاعة مكائن سنجر قبل سنوات. من يسمون ضحايا هذه الفقاعات هم في الواقع أسرى شائعات صدقوها وأودت بهم. لكن هذا يجر إلى طرح سؤال: لماذا صدقوا الشائعات؟
لندخل أولا في التعريف. تعني الفقاعة بلغة مبسطة، ربما زيادة عن اللازم، وجود ارتفاعات سريعة وحادة في قيم أصول، حيث يعتقد أنها وصلت حدودا غير قابلة للبقاء والاستمرار مقارنة بالموارد المتاحة "من دخول وسيولة وقدرة على الاقتراض ونحو ذلك". فإذا كانت الموارد المتاحة كذلك مقارنة بالأسعار، فإن جمهرة الناس تتوقع أن انخفاض الأسعار سيتبع، لأن القدرة الشرائية ومن ثم الطلب لا يصمد. للتسهيل، الأصول تعني ما يمكن تملكه من سلع في حكم المعمرة كالعقار والأسهم والذهب.
هناك خلافات عميقة بين الناس سواء اقتصاديين أو رجال استثمار أو رجال أعمال أو حتى عوام الناس، ومنهم من يحب أن يفتي في كل صغيرة وكبيرة، هناك خلافات في تفسير كيف تتكون الفقاعات.
يعتقد أن المضاربة هي أساس تكون الفقاعات. ولكن ما وقود المضاربة السلوكي؟ السير وراء الشائعات هو الوقود السلوكي الأول للمضاربات.
أتتذكرون سالفة مكائن سنجر؟ من الملوم؟ وقوع الناس تحت الشائعات باعتبارهم ضحايا أو غير عقلاء أم ماذا؟
سالفة مكائن سنجر مثال لما يسمى سلسلة بونزي. ما هذه السلسلة باختصار؟
الدفع للعملاء القدماء مما يقدمه العملاء الجدد، بصورة متوالية حسابية أو هندسية. وهذه السلسلة أساس لعمليات يتبين لاحقا أنها احتيال، وما سالفة ماكينة سنجر عنا ببعيد. وتستخدم منهجية السلسلة في رفع أسعار أسهم أو غيرها من أصول، عبر بناء شائعات.
إذا كان عامة الناس يفسرون كل ارتفاع في أسعار سلعة ما بما يتجاوز قدرات الأغلبية ماديا على أنه فقاعة، فإن من حقنا أن نطرح السؤال التالي: في الدول الفقيرة، نعرف أن أسعار الوحدة الواحدة من الأصول أو السلع المعمرة المعروفة كالذهب والعقارات والسيارات في تلك الدول أنها عالية جدا، مقارنة بدخول سكان تلك الدول. هل يعني ذلك أن الأسعار في تلك الدول عبارة عن فقاعة مزمنة أم ماذا؟ هل الأصل هو حصول أغلبية الناس في الدول على السلع التي يرغبون أن تنسجم أسعارها مع قدراتهم المالية؟ هل الفقر والعوز نتاج فقاعة دائمة؟ أسئلة للتأمل.
ما علينا. إذا وجدت القناعة بأن ارتفاع الأسعار غير مبرر، وحدث تاريخيا انهيار في أسعار أصول، مثلما أصاب أسعار الأسهم في بلادنا أواخر عام 2006، فالسؤال التالي: لماذا حدثت أصلا هذه الفقاعات في بلادنا أو بلاد غيرنا؟ وما دور سهولة تصديق الشائعات؟
طبعا الناس تحب التبرير ورمي التهم على الآخرين، ولكنها لا تحب أن تنتقد في تصرفاتها وفي مدى عقلانية تصرفاتها. عندما تقع مشكلة أو مصيبة، يبحث الناس عادة عن كبش فداء، شخص أو جهة لتحميله المسؤولية. إلقاء اللوم على الآخرين أسهل من لوم النفس.
مهما اختلفنا في تفسير حدوث الفقاعات، فإنه لا يمكن تحميل شخص بعينه مسؤولية وقوعها. ولا يمكن في الوقت نفسه الاتكاء على ما يشبه غريزة حب التبرير.
لماذا يصدق الناس تلك الشائعات؟ لأن أكثرهم بنص القرآن لا يعلمون ومحبون للتقليد "إنا وجدنا آباءنا على أمة..."؟ وممكن تعميم كلمة الآباء لتشمل أيضا عموم الآخرين في المجتمع.
تأملوا في العبارات الحكيمة التالية:
1. لا تصدق الشائعات.
2. كثير من الشائعات ينتشر في لباس حقائق مزعومة.
3. قوة الشائعات إحدى وسائل أو أدوات صناعة الفقاعات.
4. تميل الشائعات إلى المبالغة في تصوير الأحداث والقصص.
5. نتعلم من لاعب الورق السيئ الفشل في التوقع.
6. من لم يتذكر الماضي فسيكرره.
7. يبدو أن من السهل تضليل جماعات البشر.
8. الناس يحبون التبرير ورمي الفشل على الآخرين.