رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


وجاء دور الكتاب المدرسي

وقع وزير التعليم أخيرا اتفاق مشروع التحول نحو التعليم الرقمي مع شركة تطوير لتقنيات التعليم، وقال الوزير "نتوقع أن تتوقف وزارة التعليم عن طباعة الكتب والمقررات الدراسية بعد عامين أو ثلاثة، وسيتم تطبيق المشروع خلال السنة الأولى على 150 مدرسة والسنة الثانية على 1500 مدرسة والسنة الثالثة على جميع مدارس المملكة".
هذه وزارة التعليم منذ أن عرفناها طرحت تجارب وأفكارا مختلفة في مدارس متعددة. وفي موضوع الاستغناء عن الكتاب المدرسي نريد أن نتوقف قليلا ونسأل الوزير عدة أسئلة هي:
السؤال الأول: كيف اتخذ وزير التعليم هذا القرار الاستراتيجي؟ هل اطلعت الوزارة على تجارب تعليمية ناجحة حول العالم كان سبب تألقها استغناءها عن الكتاب المدرسي؟ بمعنى هل هناك توجه عالمي بالاستغناء عن الكتب لم تطلع عليه إلا وزارتكم؟ السؤال الثاني: هل هناك توقعات بأن الكتاب لم تعد له تلك الفائدة، وأصبح من الماضي، وحان الوقت لوضعه ضمن الآثار كالمخطوطات باعتباره رمز التخلف ومعوق التنمية؟
والسؤال الأهم هل الوزارة تغلبت على مشاكل التعليم ـــ جميع المشاكل من مبان مستأجرة وتدريب المعلمين واستقطاب الأكفاء منهم - ولم يبق لها سوى التخلص من رمز التخلف (الكتاب)؟
نتمنى على الوزير أن يأخذ من وقته القليل ويدرس قرارات الوزارة خلال العقدين الماضيين ليرى هول التجارب الفاشلة التي لم تنجح منها واحدة ودفع ثمنها اقتصادنا وأبناؤنا. في هذه العجالة سأعرض على وزير التعليم عينة من أبرز تجارب الوزارة، وسيكون تركيزي على تلك التي ما زالت عالقة في أذهاننا.
قبل عقد من الزمن تقريبا أقدمت وزارة التعليم على تجربة تمثلت في مشروع تطوير التعليم والملقب بـ "تطوير" عندما تهورت ووزعت 24 ألف جهاز حاسب آلي لكل معلم ومعلمة ولكل طالب وطالبة، مع ربط الأجهزة بشبكة الإنترنت العالمية محملا عليها جميع البرامج اللازمة لإتمام هذه المهمة التي لم يسبق لها مثيل. ونحن نسأل الوزير ماذا حدث لمشروع تطوير الذي كلف الدولة تسعة مليارات؟ ما مصير الطلاب الذين سحقتهم التجربة؟ وما مصير تسعة مليارات ريال كان من الأجدر أن توجه إلى مشاريع أكثر جدوى كاستكمال البنية التحتية لوزارة التعليم أو التخلص من المباني المستأجرة أو تدريب المحرك الأساس للعملية التعليمية (المعلم)؟
وهناك برنامج آخر، وهو التقويم المستمر للصفوف الأولية الذي تسبب في ضعف جيل بل جيلين تخرجوا في مدارس وزارة التعليم ينظر إليهم على أنهم أنصاف متعلمين أو بالأصح أنصاف أميين أي بمعنى أدق معوقون علميا، فكثير منهم لا يجيدون أساسيات العلم ومفتاح المعرفة (القراءة والكتابة) ويحتاج كل ذلك الجيل إلى إعادة تأهيل بل تعويض على ما ارتكب في حقهم من تجارب، فهم الذين دفعوا ثمن تلك الحماقات.
المشروع الآخر الغير مدروس هو مشروع الثانويات المطورة، حينما أرادت وزارة التعليم تحويل البيئة المدرسية إلى نظام جامعي في الحضور والتسجيل والدرجات ففشل بنجاح وكان الضحايا بمئات الألوف.
هذه عينة من مشاريع وزارة التعليم الموقرة من المفترض بدلا من الولوج إلى تجربة إلغاء الكتاب المدرسي أن تقيم الوزارة برامجها ومشاريعها. وعليها أن تتعرف على أسباب فشلها ومن وراءها ومحاسبة القائمين عليها؟
عندما سئلت رئيسة فنلندا عن سر تقدم بلادها أجابت بكلمة واحدة كررتها ثلاث مرات "التعليم.. التعليم.. التعليم"، ولا أظن دولة مثل فنلندا من الحماقة أن تمنح الطالب جهازا محمولا وهو لا يعرف أساسيات المعرفة، وأظنها ليست بالغباء أن تلغي الكتاب المدرسي التقليدي قبل أن يتمكن الطالب من اكتساب مفاتيح العلوم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي