سوق عكاظ .. وجائزة الشعر العربي
"الشعر ديوان العرب" والمقصود هنا الشعر العربي الفصيح الذي كان هو الصحيفة والإذاعة والقناة الفضائية عند العرب الأوائل.. فكم رفع أعناق قوم وخفض رقاب آخرين.. بل وكان وكالة الإعلان الناجحة حيث سوّق "للخمار الأسود" بعد كساده وانصراف بنات الكوفة عنه إلى الخمار الأخضر، وعدن لارتدائه بعد سماعهن القصيدة المعروفة (قل للمليحة في الخمار الأسود) وهذا النوع من الشعر الأصيل لم يأخذ نصيبه من الاهتمام في المشهد المعاصر.. فقد أعطينا اهتماما كبيرا لكل شيء.. التراث والشعر النبطي.. والشيلات والأهازيج.. والخيل والإبل، لكن الشعر العربي ظل في المقاعد الخلفية يقدم على استحياء في بعض المناسبات.. ولذا أقترح، والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تستعد لإعداد برنامج "سوق عكاظ" في الصيف القادم، أن يركز هذا المهرجان على اللغة العربية والشعر العربي وأن يسمى "مهرجان سوق عكاظ للشعر العربي"، حيث يكون هدية بلادنا، وهي منبع العروبة الأصيل، لكل المهتمين باللغة العربية وآدابها شعرا ونثرا.. ومن المهم أن تقدم في ختام المهرجان جوائز للباحثين في علوم اللغة وآدابها.. وبالذات من يظهر جوانب الجمال في هذه اللغة المؤهلة للانتشار عالميا، خاصة وقد تم الاعتراف بها في المؤتمرات والمحافل الدولية.. وستكون هذه الجوائز حافزا للباحثين من مختلف أنحاء العالم والدول العربية على وجه الخصوص لإجراء مزيد من الأبحاث.
وتبقى بعد ذلك الجائزة الكبرى للشعر العربي، التي أقترح أن تحمل اسم "جائزة الملك سلمان للشعر العربي" كي تكون قيمتها المعنوية أعلى من جائزة "بردة عكاظ" التي منحت خلال السنوات الماضية، ويكفي أن تحمل اسم هذا الزعيم المعروف باهتمامه باللغة والثقافة العربية، فالهدايا دائما تقدر قيمتها بالاسم الذي تحمله.. وكي يصبح سوق عكاظ محطة ثقافية مهمة على المستويات المحلي والعربي والعالمي، لا بد من استقطاب ذوي الخبرة والاختصاص في وضع آليات المسابقات والبرامج والتحكيم لتمنح جوائزه لمن يستحقها فعلا من الباحثين والكتاب والشعراء.. وهنا ستشد له رحال المبدعين من مختلف الدول في كل عام.. وكي يستمر نشاطه على مدار العام، يقترح أن يؤسس لإنشاء مركز للأبحاث المخصصة لإظهار جوانب الجمال في اللغة العربية والمحافظة عليها والتشجيع على استعمالها في الحياة اليومية.. وكذلك تأسيس وسيلة إعلامية "جريدة إلكترونية" مدعومة بمنصات التواصل الاجتماعي لتقديم المنتجات الفكرية للمهرجان.. وتشجيع عقد ورش عمل للشباب والمرأة حول اللغة العربية وآدابها المختلفة بهدف تغذية المهرجان بمخرجات هذه الورش وإبقاء الاتصال الدائم مع شرائح المهتمين باللغة العربية في بلادنا والعالم العربي.
وأخيرا: نريد أن يكون سوق عكاظ منبرا لإحياء الاهتمام باللغة العربية، ليس بشكل تراثي أقرب إلى التمثيل منه إلى الواقع، وإنما بشكل معاصر يخاطب عقول الشباب بلغة عربية سليمة ومعاصرة في الوقت نفسه، والأمير سلطان بن سلمان خير من يضبط إيقاع الموازنة بين الأصالة والمعاصرة في جميع النشاطات والأعمال التي يشرف عليها.