ورق جرائد للأكل
لا يشعر بالألم لرؤية ورق الجرائد سفرة طعام أو وسيلة لتنظيف المرايا أو ورقا لتغليف الأواني الزجاجية للحفاظ عليها من الخدش أو الكسر إلا الذين تعبوا في إخراجها للناس بهذه الصورة، وكذلك الكتاب الذين يسهرون الليالي لكتابة سطور مقالاتهم لتزين جوانبها بصورهم ولن أحدثكم عن الباقي، هذا على الرغم من تكرار أن الصحف الورقية في طريقها للاختفاء رغم محبة كثير من البشر مطالعة الصحف والكتب الورقية أكثر بكثير من مطالعتها على شاشة الحاسب أو الأجهزة الذكية وأنا منهم!
ما فعله اليابانيون وما سيفعلونه قد يوقف الألم ويحفظ للصحف الورقية مكانتها، بل ربما ستكون مرغوبة أكثر من أي شيء ثان في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم أجمع، فماذا فعل ذلك الشعب الذي يستمر في إبهارنا كل يوم!
لن تكون في حاجة بعد اليوم إلى البحث عن حاويات الورق أو تخزين الصحف لسنين ثم رميها في نهاية المطاف؛ فقد قامت أشهر صحيفة يابانية تدعى “ماينيتشي شيمبون” باستخدام الورق الأخضر أو الورق صديق البيئة الذي ابتكره اليابانيون منذ سنين في تصنيع صحيفتهم كسابقة عالمية رغم وجود هذا الورق في الأسواق العالمية وهذا الورق العجيب عبارة عن مزيج من الورق المعاد تدويره وبذور زهور وأعشاب وماء، والأغرب أن الحبر المستخدم في الطباعة يعمل كسماد مقو للإنبات فبعد قراءتك لصحيفتك المفضلة ما عليك سوى تمزيقها ووضعا في أصيص الزهور أو في حديقة منزلك وريها وبعد أسابيع ستجدها تنمو لتمنحك مزيدا من الأوكسجين والجمال وتعيد الورق إلى منبعه الأصلي. يقول مالك الصحيفة اليابانية: “نحن نجازي الطبيعة بالجمال أيضا، لأننا يوما ما أخذنا هذا الورق منها”.
وهذا المشروع أتى استكمالا لدور الصحيفة الريادي في حماية البيئة ونشر الوعي على أرض الواقع وليس مجرد كلام جرايد، كما يطلق على كل موضوع يفتقد للمصداقية، أي أن الصحيفة لم يكن مقصدها الربح المادي، على الرغم من أنها باعت أربعة ملايين نسخة في يوم واحد محققة قفزة في سوق التداول بربح قدره ثمانية ملايين ين أي 700 ألف دولار لا تحققها أشهر دور النشر في عالمنا!
الجميل في الأمر هو أن المبادرة قد امتدت لتشمل المدارس في اليابان ليتم طباعة كتب دراسية خضراء للطلاب! وبذلك يتعلم الأطفال أهمية التدوير والحفاظ على البيئة بلمسة ابتكارية لا تخلو من التشويق لمعرفة ما ستسفر عنه صفحات كتبهم من نباتات وأزهار وقد يتطور الأمر إلى ثمار فنتناول الصحيفة أو الكتاب بعد قراءته!