رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل تتناسب مكافآت التنفيذيين مع أرباح شركاتهم؟

صدر قبل فترة تقرير فصل فيه حجم المكافآت والمزايا والرواتب التي يأخذها كبار التنفيذيين في الشركات المساهمة المدرجة، الذين يفرض عليهم الإفصاح عن حجم هذه المزايا في التقرير السنوي، وهذا إجراء روتيني، وفي كل سنة يثار جدل حول هذه المكافآت والمزايا، ومثار الجدل ليس إعطاءهم مكافآت أو استحقاقهم، لكن هل هذه المكافآت فعلا تتناسب مع حجم وأرباح بعض هذه الشركات؟
على سبيل المثال مكافآت التنفيذيين في القطاع المالي من الطبيعي أن تكون عالية وكبيرة عطفا على حجم الأرباح، وكذلك الشركات التي لديها أرباح عالية من مختلف القطاعات، لكن من الملاحظ في التقرير أن هنالك تنفيذيين في قطاعات وشركات ضعيفة الربحية والأداء أقل من المطلوب ظهرت في قائمة الأعلى دفعا لمديريها سواء بالمكافآت أو الرواتب، ومنها شركة تعمل في قطاع التطوير العقاري أقل ما يقال عنها إن أداءها المالي والإداري أقل بكثير مما كان متصورا، ومع ذلك حصل التنفيذيون فيها على رواتب ومكافآت أعلى من مصارف مثل الراجحي والإنماء وغيرهما، بل إن العضو المنتدب فيها حصل منفردا على أعلى رواتب ومكافآت من بين جميع شركات السوق متفوقا على جميع رؤساء المصارف والشركات الكبيرة مثل سابك والكهرباء والاتصالات والمراعي، رغم أن نتائج شركته أو حجمها لا يقترب أبدا من ربع أحجام هذه الشركات، وهذا رغم قانونيته وشرعيته سليم 100 في المائة، ولست هنا انتقده، بل أنا هنا أنتقد مجلس الإدارة وأنتقد الجمعيات العمومية والمساهمين الذين يتحملون تكاليف مثل هذه المبالغ، وهم من سمح بمثل هذه القرارات، وأنا لا أحدد شركة بعينها، لكن هذه الممارسة موجودة في كثير من الشركات التي لا يتفق ما يحصل عليه التنفيذيون مع أدائها ومع ما تعطيه السوق لمثلهم.
هنا يتضح ضعف وقلة حيلة المساهمين الأفراد في فهم أو التأثير في قرارات الجمعيات العمومية التي تقع مسؤولية هذا الضعف للمساهمين أنفسهم، حيث يمثل حضورهم الضعيف جدا "في كثير من الأحيان تعقد الجمعية بدون حضور أحد من المساهمين خارج نطاق أعضاء مجلس الإدارة" فرصة مريحة لمجلس الإدارة لتمرير قراراتهم دون مساءلة، ومن يحضر الجمعيات العمومية للشركات خارج المملكة "في أوروبا على سبيل المثال" يجد حضورا قويا واهتماما، بل تتحول الجمعية إلى جلسة استجواب دقيقة لمجلس الإدارة وللتنفيذيين يحسب لها المسؤول ألف حساب بسبب قوة واستعداد المساهمين ومعرفتهم الدقيقة بالشركة وأعمالها؛ فلا تمر الجمعية مرور الكرام، وهكذا يتطور دور المساهم ليلعب دوره ويمارس حقه المكفول له بنص القانون بمساءلة مجلس الإدارة عن أي نتائج لم ترضه، وعن خططهم المستقبلية وغيرها الكثير.
من واقع خبرة مع الجمعيات العمومية لدينا في السعودية فنحن بعيد جدا عن تحريك المساهم الفرد ليمارس حقه ويسمع صوته في الجمعيات، وعليه فأنا أقترح على وزارة التجارة وهيئة سوق المال أن يأخذوا خطوة أبعد من نشر التوعية وغيرها بأن يعملوا على المساعدة في تأسيس جمعية أهلية تعنى بحقوق المساهمين ولتسمى "جمعية حقوق المساهمين الأهلية" لتقوم هذه الجمعية بعملية متابعة الجمعيات العمومية ونشر بنود الجمعية والتعليق عليها وإبداء النصح والمشورة ونشر توصياتها على نتائج الشركات فيما يخص الملاحظات على النتائج من ناحية الأمور المحاسبية والمالية العادية دون التعليق على الأسعار أو التوصيات، لتكون هذه الجمعية منارة يهتدي بنورها المساهمون الأفراد الذين لا يملكون الدراية الكافية للمشاركة في القرارات، ولتكن ممهدا في المستقبل لصنع تكتلات مضادة من قبل الأفراد الصغار ضد الكبار، وبهذا يتحقق توازن فعال في الجمعيات العمومية، وفي اختيار الأعضاء والتوصيات ومراقبة الأداء والنتائج، خصوصا أن الشركات السعودية سوف يفعل لديها قانون هيئة سوق المال الجديد والمتعلق بتصفية الشركات الخاسرة، وهو قرار مصيري قد يكلف كثيرا للمساهمين، في حال اتخاذ القرار بشكل خاطئ، سواء بمعالجة الشركة ماليا عبر رفع رأسمالها أو بقرار التصفية.
ضرورة مثل هذه الجمعية تنبثق من واقع الحال اليوم، رغم محاولات الهيئة الكبيرة في توعية المستثمرين، إلا أن الوضع لم يتغير أبدا، لذلك وجود مثل هذه الجمعية سيكون خطوة كبيرة نحو تفعيل مناخ الجمعيات الأهلية التي هي أحد مستهدفات الرؤية في قطاع مهم جدا ويمس مدخرات وأموال المستثمرين وهي ليست بالصغيرة، سوف يستفيد منها الجميع وستكون محركا ولاعبا كبيرا في حال استثمارها بشكل جيد، وبطبيعة الحال سيقوم عليها أشخاص متخصصون ولديهم خبرة في السوق، وأنا متأكد لو كان لدينا جمعية مثلها ومتابعة لما يحصل اليوم لما حدث كثير من الممارسات التي نراها الآن؛ فهل يعقل أن شركة صافي ربحها 14 مليونا توزع "رواتب ومكافآت" لخمسة من التنفيذيين ما قيمته 17 مليونا؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي