خطة «التدريب التقني» وقضايا التوظيف
معروف جيدا أن الممارسة الحرفية في غالب المهن البسيطة تعليما واكتسابا شبه معدومة في مجتمعنا السعودي. نحن نعتمد على الآخرين. صحيح أن استصغار ممارسة بعض المهن موجود لدى بعض فئات مجتمعنا قبل عصر النفط. وهو استصغار ينطبق عليه المثل "أحشفا وسوء كيلة" يعني جمع بين مرضين استصغار وفقر. لكن المشكلة اتسعت وتعمقت مع غنى المجتمع إثر اكتشاف النفط بما جره من ركون واعتماد مبالغ فيه على دخله. حتى المهن الحرفية التي كانت تمارس على نطاق واسع نسبيا أصبحت في حكم المندثرة.
مع توسع التعليم وارتفاع مستوى الوعي مجتمعيا، رغب ويرغب كثيرون في تعلم مهني لهم أو لأولادهم ولو خارج دراستهم وأعمالهم الأصلية. ولكن الظروف والإمكانات غير متاحة.
قيض الله المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لعمل مجتمعي يسهم في تخفيف وتدارك الوضع. فقد ذكرت وسائل إعلام كثيرة أن لدى المؤسسة مشروع "التدريب المجتمعي" الذي يخطط لإطلاقه قريبا بهدف تأهيل مهني لعدد كبير من أفراد المجتمع من الجنسين عبر توفير تعليم وتدريب للمبادئ الأساسية لبعض التخصصات الحرفية أو المهنية أو التقنية أيا كان الاسم.
أعلنت المؤسسة أنه سيتم تقديم هذه البرامج التدريبية بمرحلتها الأولى في ستة مجالات متنوعة، أربعة منها للرجال هي "مبادئ الكهرباء والتمديدات المنزلية، ومبادئ التبريد والتكييف، ومبادئ صيانة التمديدات الصحية، ومبادئ صيانة السيارات". فيما خُصص للنساء دورتا "مبادئ صيانة أجهزة الحاسب الآلي والدعم الفني، ومبادئ التجميل وتصفيف الشعر". وذكرت المؤسسة أنها ستتوسع في تقديم مزيد من التخصصات الرجالية والنسائية الأخرى مستقبلا.
أعطت المؤسسة البرنامج اسم "أتقن" وأعلنت أنها أتاحت التسجيل فيه لأفراد المجتمع بدءا من يوم الأربعاء 1 رجب 1438هـ الموافق 29 آذار (مارس) 2017 وذلك من خلال البوابة الإلكترونية:
https://ctc.tvtc.gov.sa/.
وأعلنت أن بداية الدورات التدريبية للمرحلة الأولى هو يوم الأحد 19 رجب 1438هـ الموافق 16 نيسيان (أبريل) 2017. أي بعد إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني بأسبوع. وأعلنت أيضا أن الموقع الإلكتروني سيوفر كل المعلومات حول البرامج التدريبية والمهارات المتعلقة بها وأيضا مواقع الكليات والمعاهد التي ستقدم فيها البرامج.
أما مواعيد تنفييذ الدورات التدريبية فسيكون خلال الفترة المسائية من الساعة الـ 4 عصرا إلى الساعة الـ 8 مساء وذلك بهدف إتاحة الفرصة لأكبر عدد من أفراد المجتمع للالتحاق بتلك الدورات.
وحسب إعلان المؤسسة، ستكون مدة كل برنامج تدريبي أربعة أيام بمعدل 16 ساعة تدريبية، يكتسب من خلالها المتدربون مبادئ المهارات الأساسية في المجالات الستة المحددة. وسيتم تنفيذ تلك البرامج على أيدي مدربين ومدربات متخصصين ومن ذوي الخبرة في تلك المجالات.
ومن أبرز شروط الالتحاق بالبرامج التدريبية ألا يقل عمر المتقدم عن 15 سنة، وأن يكون سعودي الجنسية وأن يكون لائقا طبيا للبرنامج التدريبي المحدد.
برامج المؤسسة التدريبية تحت اسم "أتقن"، ستحقق عدة مصالح ومنافع. ستسهم في:
1 - زيادة النشاط أو تقليل الكسل.
2 - توفير بعض دخل الأفراد والعوائل.
3 - تقليل الحاجة إلى كثرة المحال في شوارعنا.
4 - تخفيف زحام الشوارع.
5 - استغلال بعض أوقات فراغ شبابنا.
6 - مكافحة البطالة.
لن تنجح الأخيرة - أي مكافحة البطالة- كما نطمح دون تقليص ملموس وقوي وسريع في عدد التأشيرات الممنوحة سنويا. حيث يفترض ألا يزيد عدد التأشيرات الجديدة سنويا على 20 في المائة من متوسط العدد الممنوح سنويا خلال السنوات العشر الماضية. ولكن تحقيق ذلك يتطلب أن يكون الاعتماد على توظيف غير السعوديين من الداخل، مثلهم مثل السعوديين. تحقيق هذا الهدف يتطلب تسهيل تغيير صاحب العمل أي تسهيل انتقال "أو ما يسمى نقل كفالة" الوافدين بين المنشآت الوطنية، حتى لا تكون هناك حاجة أصلا إلى طلب ومنح تأشيرات جديدة إلا في نطاق ضيق جدا.
والحديث طويل. وبالله التوفيق.