صاحبة الابتسامة الساحرة
أغضبتني ذات يوم سخرية كثيرين من صورة امرأة إفريقية كانت ابتسامتها الآتية من الأعماق تنير وجهها الشاحب الذي رسمت عليه تجاعيد الحياة خطوطا زادت ابتسامتها جمالا وسحرا.
سخروا منها بسبب تاج أو طوق كانت تزين به شعرها عبارة عن مجموعة كبيرة من أغطية زجاجات المشروبات الغازية، كنت أقول لنفسي ماذا لو قدر لهذه المرأة أن تقرأ أو تعرف كمية السخرية التي نالتها من نساء تتزين بأجمل الإكسسوارات ومن أفخم العلاقات ولكنها تفتقد هذه الابتسامة -ابتسامة الرضا- ورجال لا يرون أمامهم في الغالب إلا جمالا صناعيا وابتسامات شاحبة سطحية.
نعود لسمرائنا الفاتنة التي أسرتني ابتسامتها رغم ما تعانيه من صعوبات الحياة، كنت قد وضعت صورتها على حسابي في صفحات التواصل الاجتماعي مع عبارة عتاب لا تحضرني الآن، لم أكن أعرف حينها من هي أو ما حكاية الصورة حتى وجدت مجموعة صور في أحد المواقع تتحدث عن قبيلة هذه المرأة وصور لمجموعة من النساء يتزين بالزينة نفسها منهن عجائز أكل عليهن الدهر وشرب وفتيات فاتنات رغم فقرهن ونوعية زينتهن وسواد بشرتهن الذي أضفى عليهن جمالا طبيعيا غير مصطنع! وأجزم أن لو شاهدهن أحد أصحاب دور الأزياء لاتخذهن عارضات لما يتميزن به من مواصفات يبحث عنها المتاجرون بالمرأة، تلك المهنة المهينة التي تتعامل مع المرأة كعلاقة ملابس!
التقطت الصور في وادي "ألاومو"، القريب من نهر يحمل الاسم نفسه، في جنوب غرب إثيوبيا، تعيش على ضفافه نحو 16 قبيلة بدائية لم تتغير عاداتها منذ قرون، منها: "حمر" و"بودي" و"داساناش" و"ألكارا" و"الهامر" و"كويجو" و"مورسي" ونظرا لطبيعة التضاريس المحيطة بالمكان تعيش هذه القبائل بمعزل عن العالم، يسيرون عراة حفاة يغطون بعض أجزاء من أجسادهم بالألوان والنباتات ويمارسون طقوسا وشعائر غريبة توارثوها من أجدادهم.
دخلت نساء قبائل "داساناش"عالم الشهرة بعد أن حولن النفايات إلى إكسسوارات، حيث لجأن إلى جمع المخلفات لتصنيع إكسسوارات للزينة وتسريحات شعر بطريقة ذكية مثل أغطية "الكوكاكولا" والزجاجات المحطمة وساعات اليد الرقمية المكسرة والمهملة والفلاش ميموري والأسلاك المعدنية وبعض الجلود والقواقع، وإضافة بعض الريش في وجوههن، أما الرجال فلا يسمح لهم إلا بعد صيد ثمين أو قتل عدو!
ويقول إريك لافورجو المصور والصحافي المتجول الذي صور هذا الموضوع: عرف عن نساء هذه القبيلة صناعة الحلي وبيعها، أما بواريك الشعر المزخرفة التي يصنعنها من أغطية الزجاجات وخلافه، فإنهن لا يبعنها لأنهن يعتبرنها جزءا من هوياتهن وشخصياتهن.