رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أسلوب فوترة بديل

يقف ضبط الإيرادات والفوترة وتحصيلها على رأس قائمة أوليات المؤسسات الهادفة للربح وكذلك مؤسسات الخدمات العامة، مثل المياه والكهرباء. وقد شهدت الفترة الأخيرة تعديلات على تعرفات المياه والكهرباء، وكانت زيادات التعرفة حادة بالنسبة لفواتير المياه، بينما ارتفعت تعرفات الكهرباء، ولكن ليس بحدة تعرفات المياه. ومن المتوقع أن ترتفع تعرفات الكهرباء مرة أخرى بقوة بعد عدة أشهر. وقد ترتب على الزيادات السعرية للمياه والكهرباء زيادة تكاليفهما على المستهلكين. ومن المتوقع أن ترتفع مخصصات المياه والكهرباء من ميزانية الأسر، وخصوصا منخفضة ومتوسطة الدخل. وقد تصل حصة تكاليف هاتين الخدمتين العامتين إلى مستويات حرجة تتجاوز ربع أو نصف دخل عديد من الأسر في فصل الصيف.
تتصف فوترة المياه بالفوضى وعدم التنظيم بما في ذلك تأخرها وعدم دقتها. ولم تفلح الزيادات الكبيرة في تعرفة المياه في تنظيم شركة المياه لفواتيرها. فبعد الزيادات الكبيرة التي لم تكن في حسبان الأغلبية الساحقة من المستهلكين انقطعت فواتير المياه لفترة طويلة وصلت في بعض الحالات لعام. ونتيجة لذلك ظن عدد كبير من المستهلكين حدوث تراجع عن الزيادات الكبيرة في الأسعار، ولكن فوجئوا بعد فترة طويلة بصدور فواتير استهلاك فترات قديمة بالتعرفات الجديدة نفسها. وما زالت فواتير المياه تعاني فوضى عارمة، حيث قد تصدر فاتورة استهلاك لأقل من شهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر، ثم تأتيك فاتورة بعدها لأربعة أو ستة أو تسعة أشهر. كما تأتي فواتير مختلفة الفترات لأحياء مختلفة، وأحيانا لمستهلكين في الحي نفسه، حيث يتلقى البعض فواتير وآخرون لا تصلهم. وكانت الناس لا تبالي كثيرا بفوترة المياه بسبب انخفاض تكلفة المياه في السابق، ولكن الزيادة الكبيرة في التعرفة رفعت قيم الفواتير، فبعدما كانت بعشرات الريالات غدت أحيانا بآلاف الريالات. إضافة إلى ذلك، أدت فترة انقطاع الفواتير خلال فترة عام إلى تراكم استحقاقات المياه لكثير من المستهلكين، ما يمثل عبئا ماليا عليهم.
يعاني سكان المنازل ذات الوحدة الواحدة بشكل خاص ارتفاع تكاليف المياه. ويبدو أن هناك عودة غير محمودة لأزمة فواتير المياه التي سترهق كثيرا من المواطنين وتجعل كثيرا منهم غير قادرين على سدادها. وقد رأيت فاتورة مياه لثلاثة أشهر تخص أحد المتقاعدين تفوق راتبه الشهري. كما يذكر عديد من المستهلكين ـــ من ضمنهم المعتمدون على مخصصات الضمان الاجتماعي ـــ أنهم تلقوا فواتير مياه بآلاف الريالات، وقد تزيد في بعض الأحيان على عشرة آلاف. ويشتكي عديد من المواطنين أيضا من عدم دقة عدادات المياه، حيث يذكر كثير منهم سير العدادات بسرعة بفعل الهواء المندفع بقوة قبل تدفق المياه، أو تحركها على الرغم من توقف سريان المياه. كما اشتكى البعض من إرسال فواتير مياه الصرف الصحي مع عدم توافر الخدمة في أحيائهم. وهناك معضلات أخرى متعددة متصلة بفوترة المياه يشتكي منها المستهلكون. ويتطلب حل إشكالات المياه وجود جهة محايدة منظمة للعلاقة بين المستهلك وشركة المياه، ومن حقها إصدار الأحكام القضائية وفق نظام واضح وشفاف للمياه.
أما بالنسبة لفواتير الكهرباء فهي أكثر تنظيما وإن كانت ليست دقيقة، فقد تتلقى فواتير لأقل من شهر بخمسة أو ستة أيام ثم تتلقى فواتير لفترات أطول من الشهر بخمسة أو ستة أيام. ولكن الأهم من ذلك ارتفاع تكاليف الكهرباء بشدة خلال فترة الصيف، حيث يرتفع استهلاك الكهرباء بخمسة أو عشرة أضعاف فترات اعتدال الأجواء ما يمثل عبئا ماليا على الأسر في فترة الصيف. ويتركز 60 إلى 70 في المائة من استهلاك الكهرباء السنوي خلال فترة الأربعة أو الخمسة أشهر الصيفية. وستقود الزيادة المتوقعة في أسعار الكهرباء الصيف المقبل إلى قفزة قوية في قيم فواتير الكهرباء.
إن التذبذب الكبير في قيم فواتير المياه والكهرباء يتطلب أهمية مراجعة أسلوب فوترة المياه والكهرباء، وذلك من أجل التيسير على المستهلكين لمواجهة أعبائهم المالية المترتبة على رفع تكاليف هاتين الخدمتين العامتين. وتستطيع شركتا المياه والكهرباء التخفيف من وطأة الفواتير المرتفعة من خلال تثبيت قيمة الفواتير قدر الإمكان، ويمكن أن يتم بشكل تقريبي من خلال إصدار فواتير شهرية منتظمة باستخدام المتوسط المتحرك 12 شهرا الماضية. وبعبارة أخرى تجمع تكاليف آخر الأشهر الـ 12 الماضية، ثم تصدر فاتورة شهرية بناتج قسمة المبالغ السنوية على 12. ولنفترض مثلا أن تكاليف كهرباء إحدى الأسر خلال العام تصل إلى 8400 ريال، موزعة على ستة آلاف ريال لفترة الصيف، بينما تبلغ 2400 ريال لباقي السنة. وحسب أسلوب الفوترة الحالي فإن الأسرة ستدفع 1500 ريال أو أكثر للكهرباء في أشهر الصيف، بينما ستدفع أقل من ذلك بكثير باقي السنة. أما في حالة استخدام المتوسط المتحرك فستدفع الأسرة مبالغ شهرية ثابتة تقريبا مقدارها نحو 700 ريال، كما يمكن بهذه الطريقة إصدار فواتير شهرية محددة تصدر في وقت محدد حتى لو تمت قراءة العدادات في أوقات مختلفة. وينطبق التحليل نفسه على المياه. من ناحية أخرى ينسجم استخدام المتوسط المتحرك في الفوترة مع دفعات حساب المواطن الذي سيفعل عن قريب، الذي سيدفع مبالغ شهرية ثابتة للأسر المستحقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي