قمة الدفاع عن الأمن العربي .. من العدوان الفارسي!
في العقود الماضية كان انعقاد القمم العربية بمنزلة إعلان حالة الطوارئ في جميع دهاليز الحكومات العربية، وكان المجتمع الدولي يعمل ألف حساب للقرارات التي ستصدر عن القمة العربية، لأنها كانت قرارات تربك صناع القرار في الشرق والغرب.
لكن في الزمن العربي الصعب تراجع العالم العربي وفقد أهميته على الساحة الدولية وأصبحت قراراته تصدر من خارج العالم العربي، وبالتالي أصبح انعقاد القمم العربية بمنزلة اجتماع بروتوكولي يلتقي فيه الملوك والرؤساء لتبادل التحايا والترحيب ببعضهم بعضا.
ورغم أن جدول أعمال مؤتمر القمة الـ 28 العادية الذي عقد في ضيافة المملكة الأردنية الهاشمية في الأسبوع الماضي مليء بالقضايا الساخنة، إلا أن أهم الملفات التي كانت تشغل القمة هي الملف السوري والملف اليمني وبالذات قضايا التوغل الإيراني في عدد من الدول العربية، وبالتحديد في اليمن وسورية والبحرين والعراق والإمارات.
وما يجب أن نشير إليه هو أن ميثاق الجامعة العربية ينص على أن أي اعتداء على أي دولة عربية هو اعتداء على كل الدول العربية الأعضاء في الجامعة، بمعنى أن اعتداءات النظام الإيراني على بعض الدول العربية هو اعتداء على كل الدول العربية بدون استثناء.
وإذا كنا نريد أن نتحدث عن أهم القرارات التي اتخذتها قمة عمان، فإنها لا شك القرارات التي نددت بالتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية، كذالك القرارات التي أيدت الشرعية في اليمن، والشرعية الشعبية في سورية، التي على أساسها منعت الجامعة العربية ممثل الرئيس بشار الأسد تمثيل سورية في اجتماعات الجامعة الذي ما زال معلقا، وطالب القرار المتعلق بالجمهورية السورية الحكومة والمعارضة بضرورة الجلوس والتفاوض لانتقال السلطة من حكومة بشار الأسد إلى ممثلي الشعب السوري بسلاسة وسلام ودون إبطاء، حيث إن الشعب السوري قد عانى كثيرا من التهجير واستمرار حكومة الأسد في التعنت وعدم الاستجابة لإرادة الشعب السوري الذي اختار التغيير وقاوم النظام القمعي الفاشي لأكثر من خمس سنوات.
وفيما يتعلق باليمن فإن قرارات القمة أكدت دعم الشرعية الممثلة في حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كما أن القمة أكدت مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف صارم وحاسم إزاء انتهاكات الانقلابيين، وبالذات الحوثيون وجماعة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
كذلك ناشد البيان الصادر عن القمة جميع الفرقاء في سورية واليمن الجلوس إلى مائدة المفاوضات السلمية الهادفة إلى إعادة الاستقرار في ربوع الدولتين الشقيقتين اللتين أنهكتهما الحرب الأهلية الطاحنة، ودفع الشعبان الثمن غاليا، لكي يتوصل كل شعب إلى تشكيل حكومته التي يرتضيها حتى ينعم في ظل حكومات تمثله وتتفاعل مع رغباته وتطلعاته، وطالب البيان بضرورة توفير المناخ للشعبين السوري واليمني كي يمارسا حقوقهما الوطنية المشروعة فوق أرضهما وترابهما.
ولقد استنكر بيان عمان الذي صدر عن القمة العربية في الأسبوع الماضي التدخلات الإيرانية السافرة في الشأن الداخلي لعدد من الدول العربية، وخص بالذات التدخل العسكري في سورية ولبنان والعراق واليمن والبحرين والإمارات العربية المتحدة، وطالب البيان إيران بضرورة الانسحاب من الجزر العربية الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبي موسى، والعمل مع باقي الدول العربية على نشر الاستقرار والأمن في المنطقة، كما طالب إيران بضرورة انتهاج سياسات ترمي إلى احترام مبادئ حسن الجوار، وطالب البيان مجلس الأمن بالضغط على الحكومة الإيرانية لوقف أنشطتها الإرهابية المعادية للدول العربية.
كذلك ناشد الملوك والرؤساء العرب المجتمع الدولي الالتزام بالشرعية الدولية فيما يتعلق بالقدس الشريف، واعتبار نقل أي سفارة إلي القدس هو بمنزلة خرق لقرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الصادرة في هذا الصدد، وطالب البيان إسرائيل بضرورة تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بمنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة على أرضه المسلوبة وتمكينه من إقامة دولته العربية المستقلة على أرضه المحتلة في عام 1967.
وإذا كان اجتماع القادة العرب مهما في كل الأحوال إلا أن استعادة هيبة الدول العربية لدى المجتمع الدولي باتت ضرورية جدا، إذ إن فقدان العرب قدراتهم في استعادة حقوقهم المشروعة يعتبر ضعفا وهوانا يهدد الوجود العربي برمته.
وفي الزمن الذي سقطت فيه معنويات العرب وتراجعت الهيبة العربية، فإن الأمة العربية تتطلع إلى زعامات جديدة تعيد إلى العرب مكانتهم وهيبتهم وحقوقهم التي ضاعت مع مجموعة من الزعامات الطارئة وغير الجديرة بأن تتبوأ هذا المقعد الرفيع حتى ضعفت السيادة العربية وضاعت الهيبة العربية في الأوساط السياسية الدولية والإقليمية.
إن الأمل كبير في أن تختار الشعوب العربية قياداتها الجديدة التي تمكنها من استعادة موقعها في الدبلوماسية الدولية، وعندئذ ستستعيد القمم العربية هيبتها وتصبح اجتماعات القمة العربية من الاجتماعات ذات الثقل السياسي الذي تعمل له الدبلوماسية الدولية ألف حساب!