حروبنا الباردة مع المراهقين
لديّ صديق يعمل طبيبا الآن لا يحب ولا حتى يتقبل شقيقه الأكبر الذي يكبره بنحو 14 عاما. استسلمت لفضولي مرة وسألت صديقي عن سبب هذه الحرب الباردة الطويلة بينهما. خلع صمته وأجابني بعد تردد. أخبرني أن شقيقه كان يقرعه ويقمعه، وتحديدا عندما كان مراهقا. ولم يكتف بذلك. كان يعبئ والديه ويجيشهما ضده حتى تأثرت علاقته بهما. وقد حفر هذا التوتر ندبة غائرة في علاقته مع شقيقه لم تلتئم حتى اليوم.
ينبغي أن ندرك أن دماغ المراهق ليس طبيعيا، يرى الهرمونات الجنسية أول مرة، لذلك لا يعرف كيف يستجيب إلى هذا التدفق من المواد الكيماوية. فالتستوستيرون والإستروجين والبروجسترون هرمونات جنسية تثير تغييرات فيسيولوجية تفسر لماذا المراهقون يقومون بتصرفات غريبة وغير متوقعة.
ويشير الباحث بيل تشارلي من جامعة ستانفورد، إلى أن الفتى والفتاة منذ دخولهما سن المراهقة تتغير شخصيتهما تماما، ومن أهم ملامح التغيير:
• الرغبة في التحرر من قيود الوالدين.
• تقليد أقرانهم في قص الشعر وارتداء الملابس الغرائبية.
• اهتمام أقل بالوالدين والرد عليهم بنبرة عالية.
• كثرة النوم.
علينا أن نتعاطف ونقف معهم لا ضدهم. علينا أن نتفهم ظروفهم قبل أن نهاجمهم ونلومهم. نكسبهم ولا نخسرهم.
فكِّر ألف مرة قبل أن تنتقص منهم أو تتهكم عليهم.
سيتجاوز المراهق هذه المرحلة كما تجاوزتها أنت وأنا، ولن يتذكر سوى استهزائك وسخريتك. فلمَ لا تدعه يتذكر دعمك ومؤازرتك.
عندما تشاهد ابنك وأخاك وقد قَص شعره بطريقة غير مناسبة لا تقرعه. حاوِره بهدوء. تذكر أنه لم يقم بذلك طواعية، فهناك تأثيرات فسيولوجية ونفسية تربكه وتجعله يتخذ قرارا متعجلا.
تقول الدكتورة فرنسية جينسين في كتاب "دماغ المراهقين" الذي تحدثت عنه سابقا، دعوا المراهقين يجربوا تلك الأشياء غير المؤذية حتى لا يتمردوا ويقعوا في مشكلات أكثر خطورة. جربوا ألا تركزوا على ربح معركة، وإنما على ربح الحرب بكاملها. ما لا تريدون فعله هو الاستهزاء أو الرفض أو الشجب، وإنما عليكم بمحاولة فهم أبنائكم وأشقائكم.