الغاز الإيراني

كتبت عدة مرات أستعرض فيها جوانب للحالة الاقتصادية في الدول المجاورة خاصة الأكثر تأثيرا. حين يكون الحديث عن إيران غالبا ما تذكر ثروة إيران من الغاز وأن لديها ثاني احتياطي في العالم بعد روسيا بينما تأتي قطر ثالثا. ولكن إيران مصدر رقم 15 في العالم قريب من رتبة ميانمار وكازاخستان وبعد زيادة مؤثرة في الاستثمارات. على الرغم من تنامي إنتاج إيران إلا أنه يذهب للاستعمال الداخلي، حيث إن إيران رابع مستهلك للغاز عالميا بعد أمريكا وروسيا والصين طبقا لنشرة شركه البترول البريطانية BP.
لدى إيران 18.2 في المائة من احتياطيات الغاز في العالم طبقا للمصدر نفسه ولكن إيران صدرت 8.4 مليار متر مكعب واستوردت 7.5 عام 2015 وكانت مستوردا صافيا قبل ذلك حيث لا تزال تستورد الغاز من تركستان وأذربيجان لقربهما من بعض المدن الإيرانية. إيران تستهلك 21 في المائة من الغاز لتوليد الكهرباء و18 في المائة للصناعة خاصة البتروكيماوية، والبقية غالبا لحقن آبار النفط لتوفير الضغط المناسب لإنتاج النفط من الحقول القديمة والمتهالكة وخاصة تلك المشتركة مع العراق. استهلاك الغاز تضاعف تقريبا من 102.7 مليار متر مكعب في 2005 إلى 191.2 مليار متر مكعب في 2015 بينما الإنتاج ارتفع للفترة نفسها من 102.3 مليار متر مكعب إلى 192.5 مليار متر مكعب للفترة نفسها. تخطط إيران هذه السنة لتصدير الغاز إلى العراق ولكن العراق يريد تصدير غازه إلى الكويت ولذلك العراق ليست سوقا واعدة. هناك خطط أخرى لتصدير الغاز إلى عمان، التي تصدر الغاز، وإلى باكستان، ولكن هناك مسائل سياسية وفنية كما أثبتت التجربة مع تركيا خاصة في ظل توجس كثيرين من المقاطعة وتوافر مصادر أخرى بعد الإعلانات عن توافر الغاز في أماكن أخرى من العالم.
زيادة الإنتاج الأخيرة جاءت من حقل الشمال العملاق المشترك مع قطر وفي محاولة لاستغلال الحقل أسوة بما فعلت قطر منذ سنوات، إذ يذكر وزير النفط الإيراني أن إنتاج إيران في مارس 2018 سيزيد على إنتاج قطر من الحقل نفسه خاصة بعدما أعلنت قطر تقليص استثماراتها هناك حفاظا على الاحتياطي. المرحلة الأولى من إنتاج حقل الشمال كلها ذهبت لحقن آبار النفط وليس للتصدير لأن أسعار النفط أكثر جاذبية من تصدير الغاز، لذلك فإن التكلفة الحقيقية لإنتاج النفط في إيران عالية. إيران تبحث عن استثمارات بنحو 200 مليار دولار للصناعة الهيدروكربونية إجمالا على مدى العقد القادم، ولكن هناك ترددا من الشركات الكبرى في العالم لأسباب سياسية واقتصادية حتى بعد أن جعلت إيران العقود أكثر جاذبية نسبيا. إيران في حاجة ماسة إلى مزيد من الغاز للمحافظة على إنتاج النفط وزيادته قدر الإمكان.
من أساليب إيران في الدعاية الحديث غير الدقيق عن احتياطيات الغاز وتوظيفه وكأنه مصدر قوة لا مثيل له ولكن هذا الانكشاف يأتي لوضع الأمور في نصابها وتسليط الضوء على الحالة الحقيقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي