رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أين الحوار الوطني؟

في مطلع 2004 اتخذت الدولة قرارا شجاعا بإنشاء "مركز الحوار الوطني" ليكون صوتا مسموعا لمواطني الداخل بكل أطيافهم وفئاتهم ومناقشة الشأن العام، وما يتعلق به من اقتراحات وانتقادات ومطالب بالتطوير والتغيير وغيرها.
بدأ المركز بداية قوية واستطاع استقطاب نخبة عريضة من الرموز الوطنية والمؤسسات الحكومية والأهلية ليكونوا شركاء في برامجه، وملتقياته الحوارية، ولم يغفل الفئات الأخرى فحضر الشباب بحماسهم، وحضرت المرأة بكل قضاياها في أكثر من لقاء، وضاعف المركز نشاطه ليشمل كل المناطق ولم يترك مدينة إلا وخصها بنصيب من نشاطه الحواري.
أما القضايا الوطنية الملحة فالجميع يعرف أن المركز أسهم بمناقشة جملة من القضايا مثل التعليم، والبطالة، والفساد، وقضايا المرأة، والشباب وغيرها، ورُصدت اقتراحات وحلول وآراء متباينة، بعضها أخذ طريقه للتطبيق وبعضها بقي كفكرة حبيسة أوراق المركز، وبعضها رفض، وهذا أمر طبيعي جدا في ظل تعدد المشاركين وتنوع اهتماماتهم الفكرية والعلمية.
وقد كان للراحل "الشيخ صالح الحصين"- رحمه الله- دور بارز في إنجاح كثير من مبادرات المركز بما عرف عن الفقيد من الإخلاص والجد وسعة الأفق والاحترام الكبير الذي فرضه على كل مشارك.
وكنت أظن أن المركز سيمضي في هذا الاتجاه، أي الاستمرار في الملتقيات الحوارية والاستماع للناس بكل أطيافهم والتفاعل السريع مع كل المستجدات والقضايا الوطنية، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حين قلت سابقا: في لقاء تلفزيوني إن الحوار الوطني سيكون بمنزلة مركز لقياس الرأي العام في المستقبل. وسيكون حاضرا في معظم القرارات التي تتطلب استطلاعات المجتمع، حيث نفتقد مثل هذا النوع من المراكز، وبالتالي يلجأ بعض الجهات إلى استطلاعات لشرائح غير معنية، وتكون النتائج غالبا سلبية، أو تبني قراراتها على آراء انطباعية أو ردود أفعال غير مناسبة لاتخاذ القرار.
لكن المركز خيب ظني واختفى تماما عن الأنظار منذ آخر ملتقى وطني أقيم في 2012.
ولا أعرف أسباب هذا الخفوت هل هي بسبب تغير الإدارة مثلا، أم أن هناك قناعات أخرى بأنه لم تعد هناك حاجة للحوارات الوطنية؟
والحقيقة أنني كدت أنسى هذا المركز لولا خبر صحافي نشرته مجموعة من الصحف، وبعض مواقع التواصل خلال الأسبوع الماضي، يؤكد أن "مركز الحوار الوطني" أجرى استطلاعا للرأي حول قيادة المرأة للسيارة بطلب من جهة حكومية لم يذكرها الخبر، ومن ثم قام المركز بتسليم النتائج للجهة التي طلبته. وقد سعدت بتلك الخطوة، أي مشاركة المركز في استطلاع رأي الناس ومعرفة انطباعاتهم؛ ليكونوا جزءا من استراتيجيات اتخاذ القرار في المجتمعات المدنية المتحضرة مهما كانت القضايا بعد أن عانينا طويلا صمت الأغلبية وهيمنة أصحاب الصوت العالي. فهل يعي المركز هذا الدور ويكون بحجم المسؤولية التي أنشئ من أجلها؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي