رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مركز الملك سلمان للشباب والتأثير الحقيقي

يقول مارك جولستون وجون أولمن مؤلفا كتاب “التأثير الحقيقي” ما مفاده أن “الناس الأكثر تأثيرا هم الملهِمون الذين يرون في الناس أكثر مما يرونه في أنفسهم ويلهمونهم كي يقوموا بأبعد مما يريدون القيام به، ويوجهونهم نحو الإمكانية، ويغيرونهم للأفضل، ويساعدونهم على تحقيق ما وجهوهم للقيام به، ويدافعون عنهم عندما لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، ويقفون بجانبهم عند وقوعهم في المشاكل ولا يَدعونهم يفشلون، بل إنهم أحيانا يقفون في وجوههم عندما يضلون طريق النجاح”.
تذكرت مركز الملك سلمان للشباب وأنا أقرأ هذه العبارات لأن المركز الذي يرأس مجلس أمنائه الملك سلمان بن عبد العزيز ـــ حفظه الله ـــ ويرأس مجلس إدارته ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ـــ حفظه الله ـــ رغم انشغالاتهما ومسؤولياتهما الجسام لأهميته وأهمية من يختص بهم ننظر له جميعا كأحد رموز التأثير الحقيقي في الشباب السعودي ليكونوا مبادرين ومبدعين ومنافسين وقادرين على صناعة مستقبل بلادنا والنهوض بها إلى مصاف الدول المتقدمة في المجالات كافة.
المركز منذ انطلاقته ولتحقيق رسالته النبيلة بـ “تأسيس وتجذير ثقافة التميز وترسيخ روح المبادرة لدى الشباب، والمساهمة في بناء جيل مبدع من قادة المستقبل يسهمون في دفع واستمرار مسيرة التقدم والازدهار للوطن”، حرص على تحقيق التأثير الحقيقي في الشباب السعودي باستراتيجية تتوافق تماما - كما يبدو لي - مع استراتيجية التأثير الحقيقي التي سطرها الكاتبان مارك جولستون وجون أولمن في كتابهما “التأثير الحقيقي” حيث يتبع المركز في استراتيجيته ثلاثة مسارات رئيسة بعد الاستماع لهم وهي: الإلهام والتوجيه بتقديم النماذج القدوات والإرشاد لسبل النجاح، والتطوير برفع مستوى قدرات ومهارات الشباب المبادر، والتمكين بتوفير البيئة المناسبة والدعم الملائم لتمكين الشباب من إنجاح مبادراتهم الشخصية والمجتمعية.
وهذه الاستراتيجية بكل تأكيد تجعل الشباب السعودي الذين يشكلون الغالبية العظمى من السكان أمام منشأة تعتبر في حقيقتها “كائنا حيا” ذا خلق نبيل ونية مخلصة وأهداف طموحة وإرادة قوية، كائنا يريد أن يتواصل معهم ويتواصلون معه، ليتفاعل معهم ويتفاعلون معه للتفكير في مستقبلهم ومستقبل وطنهم وتحقيق نتائج رائعة بتسليط الضوء على قضاياهم ومشاكلهم ومقترحاتهم ومرئياتهم وأفكارهم في التعاطي مع القضايا والتصدي للمشاكل والعقبات، كائنا حيا يهدف لترسيخ روح المبادرة ورفع مستوى الوعي بثقافة العمل الحر لدى الشباب كافة، كائنا حيا يهدف لاكتشاف وتسليط الضوء على شباب الأعمال المبدعين في مختلف المجالات، والارتقاء بمنشآتهم بتشجيع مبادراتهم الإبداعية وتطوير وتنمية منشآتهم في خدمة عملائها وتنمية مواردها وتحسين خدماتها، كائنا حيا يريد الإسهام بشكل فاعل في دعم مبادرات الشباب في مجال الأعمال والمجال الاجتماعي في بداياتها بما يسهم في إطلاقها ونجاحها.
هذه الاستراتيجية التي جاءت مع انطلاقة المركز في ظروف اقتصادية مواتية تمثلت على أرض الواقع بأكثر من 70 برنامجا ومبادرة داخل المملكة وخارجها وتجاوز عدد الحضور في برامجها وأنشطتها 68500 شاب وشابة في 22 مدينة عملت في مجملها لنشر ثقافة التجارب الإيجابية بين جيل الشباب، ومناقشة قضاياهم وحاجاتهم، ومنحهم الدافع للسير على طريق النجاح وتحقيق الإنجازات التي تسهم في تطور المجتمع، وتهيئة الشباب لخوض تجارب خلاقة وتطوير أدائهم المهني، وتطوير القيادات تحقيقا لاستراتيجية المركز في مجال تمكين الشباب وتوعيتهم وإكسابهم مهارات الإدارة والتغيير والاتصال والتحدي، وغرس ثقافة العمل الحر وتشجيع جيل الشباب على تأسيس مشاريع خاصة بهم، وتهيئة جيل واع بدوره التنموي والفرص الاستثمارية، وتشجيع الشباب والشابات في مجال المبادرات الاجتماعية.
وإذا كانت هذه المبادرات قد انطلقت وحققت كثيرا من النتائج المستهدفة في زمن الانتعاش الاقتصادي فإن مهمة المركز اليوم أصبحت أكثر تعقيدا وأهمية في زمن الركود الاقتصادي، وفي زمن التحول نحو اقتصاديات السوق، والتوجه لرفع مستوى مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي، وتطبيق برنامج التوازن المالي، ولذلك فإن أهمية المركز أصبحت متزايدة لجهة إلهام وإرشاد الشباب وتطويرهم وتمكينهم في هذه الظروف التي تتطلب الإنصات للشباب لفهم خريطة همومهم واهتماماتهم وأفكارهم خصوصا أنهم يتعرضون حاليا لحملات اتصالية مخططة من خارج البلاد بأسماء محلية لنشر الإحباط والاكتئاب في نفوسهم خصوصا أن بعض المرجفين دون وعي من المؤثرين من الداخل يضخمون المشاكل الاقتصادية التي تمر بها المملكة ودول المنطقة بعد انخفاض أسعار النفط كما يضخمون التداعيات التي ترتبت عليها رغم منطقيتها، ورغم أن بلادنا مرت بها سابقا وتجاوزتها بكفاءة واقتدار.
ويبدو لي أن التوجه لاستراتيجية الحلول الشمولية التي تعتمد على الشراكات التعاونية ومعالجة العوائق لم يعد خيارا وإنما أمرا ملزما إذ إنه مهما كانت قدرات المركز فإنه لن يستطيع تغطية الحالات الفردية خصوصا في مجال التطوير والتمكين، ولذلك يجب التفكير في توسيع الشراكات والبرامج التعاونية مع الجهات المعنية بإلهام وتطوير وتمكين الشباب على أن يسهم المركز بإجراء الدراسات والبحوث التي تشتمل على التحليل والتشخيص واقتراح الحلول لأهم القضايا والمشاكل الشبابية ومن ثم حث الجهات لاستثمار هذه الدراسات من خلال ورش العمل المشتركة وغيرها لتطوير الأنظمة والإجراءات والمبادرات خصوصا أن ذلك يعمل على معالجة قضايا ومشاكل التطوير والتمكين من جذورها.
ختاما مركز الملك سلمان للشباب مؤسسة فريدة حققت وستحقق تحولا إيجابيا كبيرا في فكر الشباب والجهات الحكومية والخاصة والأهلية المعنية بهم، وهذا التحول سيتراكم عبر خط الزمن لصناعة ثقافة مبادرة وإبداع ومنافسة راسخة في نفوس الشباب السعودي الذين ستتوثق علاقتهم بالمركز خصوصا الناجحين منهم لكونه أنصت لهم وألهمهم وطورهم ومكنهم بشكل مباشر أو غير مباشر، وهؤلاء سيدعمون قدراته ليواصل أداء مهمته النبيلة في دعم المزيد من الشباب، وكلي ثقة بأن إدارة المركز ستعمل على تقوية وتسريع دورة علاقته مع الشباب السعودي ليزداد المركز تأثيرا إيجابيا حقيقيا في شبابنا الطموح بمرور الوقت.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي