الغش في غذائنا .. خط أحمر
الحملات السلبية الموجهة لمجتمعنا مختلفة الأشكال ومتعددة الوسائل، لكن هدفها واحد هو زرع الشك في كل شيء.. في الاقتصاد وسوق الأسهم والعقار بالذات وفي الخدمات الصحية وفي التعليم وفي القدرة على إيجاد الوظائف وتوفير السكن لشبابنا. وفي خضم تلك الحملات التي ينبغي ألا نعطيها من الأهمية الشيء الكثير تظهر بعض الحوادث التي يجب أن نعطيها وقفة اهتمام وهي ما يتعلق بالغش سواء في المواد الاستهلاكية ومنها الأدوات الكهربائية وإطارات السيارات والشامبو والعطور التي تدهم الجهات المختصة بين الحين والآخر أماكن تصنيعها ومعاقبة صانعيها لضررها على المستهلك الذي يشتريها على أساس أنها ماركة لصناعة عالمية معروفة.. ويبقى كل ذلك أقل ضررا من الغش في الغذاء الذي وصلت إليه صناعة الغش ما يشكل خطا أحمر يجب أن يعالج بخطة حازمة تقوم على محورين مهمين أولهما وقائي، حيث نحول أو نخفف على الأقل من إمكانية وقوع الغش. والمحور الثاني عقابي يتضمن أشد العقوبات التي تتناسب مع فظاعة الجرم "الذي تقوم بتنفيذه غالبا عمالة وافدة"، ولذا لا بد من أن يتضمن المحور الأول توعية في الدول المصدرة لتلك العمالة وبعدة لغات أن السعودية لا تتساهل في معاقبة المخالفين لأنظمتها والمشاركين في الغش بأنواعه خصوصا ما يتعلق بغذاء الناس.. ويتزامن ذلك مع تعهد يوقع عليه كل وافد يعمل في مجال الغذاء ويكون التعهد مكتوبا بصيغة قانونية واضحة وبلغة الوافد نفسه إلى جانب اللغة العربية ويتضمن التعهد أنه سيكون عرضة للجزاء الشديد إذا شارك بنفسه أو علم ولم يبلغ عن غش في تصنيع أو إعداد مواد غذائية تقدم في المطاعم والفنادق والمستشفيات والبقالات أو عدم الالتزام بقواعد النظافة في إعداد وتقديم الوجبات الغذائية وحتى لو أجبره كفيله أو رئيسه على تلك المخالفة فإنه يتعهد بالإبلاغ عنها.. وتتعهد الجهات المختصة بألا يتضرر من هذا الإبلاغ، بل على العكس قد ينال المكافأة المقررة ويوافق على نقل كفالته لصاحب عمل لا يورطه في مثل هذه المخالفات القانونية التي تعرضه للعقاب.. وتصادق على التعهد سفارة بلاد العامل لتكون شاهدة على التحذير الذي أبلغ به الوافد قبل مباشرة العمل.
وأخيرا، هذه خطوة وقائية للحد من حوادث الغش في غذائنا أضعها أمام وزارة العمل والتنمية الاجتماعية المسؤولة عن سلوكيات العمالة الوافدة ويمكن أن تتم بالتضامن مع وزارة الداخلية المسؤولة عن تطبيق العقوبات المترتبة على المخالفات.. وأي مخالفة أضر من تلك التي تمس حياة الناس وصحتهم الغالية عليهم.