ليس مهما .. فلا داعي للقلق يا هيئة السياحة
بداية أعتذر للقارئ عن إقحامه في تجربتي الخاصة، لكن سبب كتابتي عن هذه التجربة أني على ثقة بأن عديدا من القراء قد تعرض لها بصورة أو بأخرى، ولسبب آخر أساسي، هو أني أريد أن أتنفس، أن أتخلص من مرارة التجربة بالحديث عنها، وهنا أشكر "الاقتصادية" من أعماق قلبي أن منحتني هذه الزاوية كي أتنفس من خلالها. وبعيدا عن مدى تأثير مثل هذه المقالات على صناع القرار، لكن الكتابة فرصة للتنفس، وفي ظني أن من لم يعش تجربة الكتابة يجد نفسه، وقد قارب أن يختنق بالعبارات والأفكار، لكن إطلاقها عبر بوابة ومنبر مثل "الاقتصادية" يمثل علاجا للفكر قبل أن يصاب بالشلل. ولهذا أكرر الاعتذار للقارئ على أن هذا المقال سيتحدث عن تجربتي مع أحد الفنادق وكيف رمى بي ليلا في مدينة الرياض، تلك العاصمة الضخمة بعد أن ألغى حجزي دون سابق إنذار، وليس المقال شكوى وأنا لا أطلب من هيئة السياحة فعل أي شيء ولا أطلب معاقبة أحد أو رد حقي، بل أقول لا داعي للقلق، فالمسألة مجرد شخص تم إلغاء حجزه بلا سبب.
من المهم أن أبدأ بقصة حقيقية أخرى للمقارنة، وقد حدثت مع أحد الأصدقاء السعوديين عند زيارته لمدينة دبي القريبة منا، حيث وصل إلى فندق سبق أن حجز فيه عن طريق شركات الإنترنت المتخصصة، لكن عند وصوله وبسبب ارتفاع الطلب على الغرف "لأن شركات الإنترنت كانت تقوم بالحجز أكثر من سعة الفندق على أساس احتمالات الإلغاء" فلم يجد صديقي غرفة متاحة في الفندق الذي سبق وتواصل معه لتأكيد الحجز، يقول صديقي إنه بعد فشل إدارة الفندق في إيجاد غرفة لي ولعائلتي تم ترتيب سكن جديد لي في فندق الرتز كارلتون لليلة واحدة وقام الفندق بدفع فروقات السعر، وتم نقلي بسيارة خاصة إلى الغرفة الجديدة، وفي اليوم التالي تم تأمين غرفة لي بدلا عن الحجز السابق وبموصفات أفضل وتم الاعتذار لي عما حصل بالأمس مع ثلاث وجبات مجانية طوال إقامتي، ولو لم يكن صديقي صادقا كما عهدته لشككت في القصة، لكني أيضا أدرك أن مدينة دبي تعيش على السياحة كصناعة واقتصاد، ولهذا فلا مجال للتراخي هناك، وكما تلاحظ فإن الفندق قد أخذ على عاتقه مسؤولية سكن النزيل وتنقلاته حتى تحل المشكلة ولم يجعله يهيم على وجهه في دبي ثم يشتكي لمن يشاء بعد ذلك. هنا تتفهم عزيزي القارئ معنى مرارة التجربة التي مررت بها في فندق ذي سمعة واسعة ويدار من شركة متخصصة في الفندقة والسياحة وفي مدينة الرياض.
فتجربتي جاءت عكس تجربة صديقي تماما، فقد تعودت على زيارة الرياض بحكم العمل بشكل أسبوعي تقريبا، ولهذا أقوم بحجز السكن في فندق له سمعته ولقربه من مقر العمل، وكنت حريصا على الحجز من مكتب الفندق لزيارتي المقبلة في كل مرة أغادر فيها، لكن قبل آخر زيارة حدثت تصرفات غريبة من الفندق واتصالات على هاتفي للتأكد من الحجز وقد أكدت ذلك، وفي الطريق قمت بالاتصال للتأكيد، لكن عندما وصلت الفندق كان مزدحما على غير العادة وهذا أقلقني، ومع وصولي للاستقبال كان الموظف بطريقة ما جاهزا للحديث معي لأنه وبشكل فوري أقر بأنه ليس لدي حجز، حاولت مرارا أن أؤكد له وجود الحجز لكن كل محاولاتي فشلت مع تشاغله الدائم بغيري وبتصرف مستفز جدا، طلبت التواصل مع المدير لكن مدير الفندق لا يأتي إلا في الساعة التاسعة صباحا فقط، سؤال عن أي مدير آخر، أو شخص صاحب قرار للتواصل معه لكن دون جدوى، وهنا وجدت إحساسا عارما بالمرارة مع إصراري على ضبط أعصابي في مقابل استفزاز مستمر من الموظف (غير سعودي) وبعد مماطلة جاء موظف سعودي من المكاتب الداخلية ليقوم بتمثيلية من يبحث عن حجزي، بحثت في كل أركان الفندق عن رقم للشكوى بلا جدوى فقررت كتابة شكوى على ورقة لمدير الفندق، سلمت الشكوى وبعد جدل لساعة أو أكثر وجدت نفسي بلا غرفة ولا سكن في وقت متأخر من ليلة عمل في مدينة عملاقة بحجم الرياض أحمل في يدي صورة من شكوى أدرك أنها لن تسمن ولن تغني من جوع تلك الليلة. أمضيت باقي ليلتي في الرياض أبحث عن فندق يناسب إمكاناتي وفي الوقت نفسه قريب من عملي.
مرت عدة أسابيع منذ تقديم شكواي للفندق لم يتصل بي أحد، ولن يحدث ذلك كما كنت متوقعا، لم أرفع شكوى للهيئة العامة للسياحة لكيلا أقلق الهيئة وأرسم صورة سيئة عن السياحة لدينا خاصة أنها مجرد مشكلة شخص لم يجد حجزه ولم يهتم به الفندق، وأعرف أن هذه القصة قد لا تهم كثيرين ممن سيقرؤونها وأنها تمثل حالة خاصة لكنني أكتبها اليوم كي أتنفس، كي أتخلص من مرارة هذه التجربة ومن ذكراها، فشكرا لـ "الاقتصادية".