بصوت الحفيد .. «مقام» دياب تشنف آذان الشباب
يسابق الشاب الجداوي محمد هشام الزمن للانتهاء من تسجيل رواية "مقام حجاز" بصوته للكاتب الراحل محمد صادق دياب حتى تكون متوافرة لعشاق الكتب المسموعة عبر منصة "ضاد" للكتب الصوتية التي تم إطلاقها مطلع هذا العام، وكان محمد حفيد الراحل دياب قد انتهى من تسجيل رواية "خواجة يني" التي نشرت لاحقا بعد وفاة دياب، وأصبحت متوافرة للتحميل مع كتب أخرى، والاستعداد للمشاركة في معرض الرياض الدولي للكتاب.
وهذا النوع الجديد من الإنتاج الثقافي يحظى بمتابعة كبيرة من جمهور القراء حول العالم، ويضم متجر أمازون أكثر من نصف مليون كتاب صوتي باللغة الإنجليزية، وتبدو فكرة الكتب الصوتية أكثر واقعية للتطبيق في المجتمع المحلي لتشجيع أفراده على سماع الكتب إذا تذكرنا ظاهرة الكاسيت أو الأشرطة الدينية في التسعينيات، وتأثيرها في وجدان المتلقي وطريقة تفكيره وتحصيله المعرفي. وهناك سبب آخر يذكره "هشام ابن غنوة" كما يعرف بنفسه مفتخرا عندما قابلناه مصادفة حول جماليات اللغة العربية المنطوقة بصوت الرواي إذ يمنح القارئ تجربة مدهشة من ناحية التشويق والإثارة في سرد أحداث الرواية ومغامرة أبطالها كما يفعل الحكواتي.
ويهدف هذا المشروع لمساعدة القراء على زيادة حصيلتهم القرائية، ومطالعة الكتب سمعيا، وتجاوز الشعور بالذنب لرؤية كتبهم المفضلة موجودة على رفوف المكتبة تنتظر من يقلب صفحاتها، كذلك يوفر التطبيق خدمة جليلة لفئة المكفوفين مع العناية بجودة التسجيل وإختيار صوت الرواي المناسب، وأشاد هشام بجهود المشرفة على منصة "ضاد للكتب الصوتية" الأستاذة منار العميري لإنتاج كتب مسموعة تجمع بين المتعة والفائدة، ويمكن الحصول عليها بأسعاره رمزية، ومن أهم مزايا الكتب الصوتية كونها لا تتعرض للتلف، ولا تشغل مساحة كبيرة في المنزل.
ويعتبر مشروع ضاد للكتب الصوتية من المشاريع التي يرعاها برنامج "بادر" المدعوم من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ويمكن تنزيل تطبيق "ضاد" للكتب الصوتية من متجر أبل للتطبيقات.
ويتحدث هشام بشغف عن عملية تحويل روايته المفضله "مقام حجاز" إلى كتاب مسموع، ومعبرا عن طموح وحماس فريق "ضاد" للمساهمة بشكل إيجابي في صناعة النشر المحلية، والإستجابة لتغير العادات القرائية عند جيل القراء الشباب الذي يفضل الاستفادة من الوقت أثناء ممارسة رياضة المشي أو عند التنقل في وسائل المواصلات عبر الاستماع إلى الكتب عبر هاتفه النقال عندما لا يسعفه الوقت المتاح في مطالعة الكتب الورقية.
مسامرات المركاز
أتاحت الرواية لهذا الأديب الكبير تأمل مرايا الماضي ومسح الغبار عنها، ومساءلة الواقع المعاصر رفضاً للقبح وعبث الاستهلاكية، وعالج في روايته التاريخية صراع الفرد الدائم ضد السلطة، وصاغ سطورها كما لو كان يرويها لأصحابه في مركاز شعبي في جدة القديمة، صحبة الشاي المعطر وعبق الريحان والكادي.
ومن أجل ذلك يحرص محمد هشام على نقل هذه الأجواء الحميمية عبر تسجيله هذه الرواية في استديو "ضاد" كنوع من الوفاء لذكرى الأديب الفقيد، ورغبة في استعادة وهج بساطة الحياة الماضية بحسب تعبيره، قائلا: "أشعر بالشجن والحنين عندما أتذكر تلك الأيام في منزل جدي محمد صادق دياب - رحمه الله -، وعن قصصه المتوالية حول أبناء العائلة البحارة وصداقتهم مع البحر وأمواجه، وأشعر بالبهجة عندما أسمع كلمات جدي شمس الدين التي يقولها فرحا عند فوزه في لعبة الكيرم: "بالتيكا تيكا نعزف المزيكا"، فتصبح عبارتي الرسمية للانتصار على كل مصاعب الحياة، كان جدي محمدا صادقا ونبيلا ونادر الوجود، تعلمنا منه عشق الجمال والحياة، وكانت مقالاته مثل أنوار المصابيح تطرد عن قلوب قرائه ومحبيه ظلمات اليأس والأحزان، لذلك أشعر بفرح عارم عندما أقابل أحد أصدقاء جدي ليخبرني عن ذكرياته المشتركه مع الراحل أو مصادفة عابرة مع أحد قرائه الذي يشاركني محبة دياب، ونقضي الوقت في الحديث، حول مؤلفاته وقصصه عن الحارة الجداوية.