المعلم .. يستحق التكريم من الجميع
يدور هذه الأيام حديث عن المعلم الذي يمكن أن يتحمل النقد من المجتمع ومن الطلبة وولاة أمورهم.. لكن المشكلة إذا جاء النقد من الجهة التي يتوقع منها أن ترعاه وتشجعه وتدعمه.. فيكون ذلك نوعا من ظلم "ذوي القربى"، ومع أنني لا أعتقد أن الدكتور أحمد العيسى وزير التعليم قد تعمد التقليل من دور المعلم في العملية التعليمية الذي يدركه جيدا، إلا أن المشكلة كانت في التعميم، حيث قال: "إن المعلمين (ولم يقل بعض) وجدوا أن طريقة تلقين الدروس مريحة وسهلة لذلك استكانوا لها".. وما دام هذا الملف قد فتح فإن من العدل القول إن المعلم يحتاج إلى التدريب والتطوير من قبل وزارة التعليم؛ لكي يتبع أحدث الأساليب التعليمية باعتباره أهم حلقة في المنظومة التعليمية، لكنه أي المعلم أيضا يحتاج إلى مزيد من التكريم المعنوي من الجميع، خاصة من وزارة التعليم. طبعا هناك من يحسد المعلم على إجازته الصيفية الطويلة، لكنه ينسى معاناته الصباحية، وتعامله مع بعض الأطفال الذين لا يتحمل شقاوتهم حتى أسرهم التي تفرح إذا ألقت بهم في المدارس. ولقد صور معاناة المعلم الشاعر إبراهيم طوقان وهو يرد على قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي، التي مطلعها "قم للمعلم وفه التبجيلا" حيث يقول:
حسـب المعلـم غمـة وكـآبـة
مرأى الدفاتر بكـرة وأصيـلا
مائة على مائـة إذا هـي صلحـت
وجد العمى نحو العيـون سبيـلا
ويستحق المعلم أيضا التكريم من المجتمع؛ فلم نسمع يوما أن والد طالب كرم معلم أبنائه قبل أو بعد تخرجهم أو حتى دعاه عند زواجهم. ومن المفارقات الطريفة أن تقيم أسرة حفل تكريم لسائق الأسرة الذي أمضى لديهم 15 عاما ثم قرر المغادرة لكنها لا تكرم المعلم الذي تعب وعلم الأبناء أو المعلمة التي علمت البنات طوال سنوات من العلم النافع والقدوة الحسنة. ولنضرب مثلا معاصرا.. فلو أسندت محفظة أسهم بمليون ريال لشخص يديرها ثم حقق أرباحا لأقمت له حفلا مع مكافأة مجزية؛ فهل تبخل على من يدير أهم محفظة لديك وهم الأبناء بتكريم معنوي؟! ويبقى بعد ذلك تكريم الإعلام للمعلم؛ فالمقابلات التلفزيونية والإذاعية والصحافية دائما تجري مع كل من هب ودب، أما المعلم والمعلمة فهما في ذيل القائمة، وغالبا ينسى دورهما حتى لو كانت المناسبة تعليمية، فإن المديرين والموظفين يأتون في المقدمة وتسلط الأضواء عليهم دون غيرهم.
وأخيرا: التعليم مهنة شريفة جدا، فهي مهنة الأنبياء الذين علموا البشرية مكارم الأخلاق، وهي مهنة المصلحين والعلماء، وعلينا بعد ذلك دولة ومجتمعا وإعلاما أن نهتم بالمعلم ونوفر له حياة كريمة من أهم مقوماتها التأمين الطبي المجاني مهما كلف ذلك، إضافة إلى المزايا والحوافز التي تحصل عليها من قبل حتى نحافظ على الكوادر الجيدة التي يضمها السلك التعليمي في بلادنا.