«مون لايت» .. زلة «مظروف» تؤخر التتويج ولا توقف الأمل
اتجهت الأنظار هذا الأسبوع الى الحدث الأبرز في عالم الفن والسينما، ألا وهو حفل توزيع جوائز أوسكار 2017، وعلى الرغم مما يمثله هذا الاحتفال من أهمية في عالم الفن السابع إلا أن ما حصل من أخطاء هذه السنة زرع الشك في مصداقية الحفل.
لكن في النهاية تربع فيلم moonlight على عرش الفوز، حيث حصد جائزة أفضل فيلم، كما فاز ماهر شالا علي (43 عاما) بجائزة أفضل ممثل مساعد عن دوره في الفيلم، منتزعا اللقب من منافسه فيلم «لا لا لاند» (الذي استعرضناه سابقا على صفحاتنا). وحصل الفيلم أيضا على جائزة أفضل سيناريو مقتبس عن أصل أدبي، التي فاز بها جينكينز، الذي كتب سيناريو الفيلم وأخرجه.
الواقع الأمريكي
يعتبر فيلم مونلايت واحدا من الأعمال التى تكشف حقيقة الواقع الأمريكى التى يعتقد أغلب سكان العالم أنها مثال للحرية، لكنها فى الحقيقة تختلف كثيرا عما يظهر على شاشات السينما.
وتتجسد القصة كاملة في البطل شيرون الذي يظهر بثلاث مراحل عمرية، فالشخصية الأولى التي أطلق عليها اسم ليتل (يلعب دوره الممثل ألكس هيبرت)، وهو طفل تعاني أمه بولا (تلعب دورها الممثلة نعومي هاريس) إدمان المخدرات، وعندما يجد الطفل رجلا يدعى خوان (يلعب دوره الممثل ماهيرشالا علي) يدعمه ويقف إلى جواره ويحميه من المجتمع يكتشف الطفل أن ذلك الرجل هو من يبيع المخدرات لوالدته.
يأخذ خوان شيرون إلى منزله الذي يقطنه مع صديقته تيريزا (التي تلعب دورها الممثلة جانيل مونا)، وفي اليوم التالي أعاد خوان شيرون إلى أمه بولا لكن علاقة شيرون وخوان ليست عابرة بل توطدت أكثر وأكثر، وبدأ خوان يلقن شيرون دروسا في السباحة مع تقديم النصح حول كيفية رسم مسار الإنسان في الحياة، ورويدا رويدا أخبر شيرون خوان أنه يكره والدته لأنها مدمنة، كما بدأ بأخذ النصح من خوان حول ميوله الجنسية الشاذة.
وتكمن عبقرية القصة في الرسائل الخفية، وفي البعد الدرامي ورسم الشخصية لأبطال العمل، هي قصة واقعية تشعر أنك عايشتها أو شاهدتها من قبل، ولكن تميزها في الأمل الذي بثه الفيلم، في القدرة على التحول من شخص منطو ويخشى الجميع، لمتحكم في حياته.
شخصية المراهق
يكبر ذلك الطفل ويدخل مرحلة المراهقة شيرون (يلعب دور هذه الشخصية الممثل أشتون ساندرز) يجد نفسه يعانى المصير نفسه الذي عاناه فى طفولته، فهو مضطهد من قبل أصدقائه، ولا يحمل خبرات حياتية ولا عاطفية، لذلك نشأت علاقة شاذة مع صديقه الوحيد كيفن (يلعب دوره الممثل جهاريل جيروم)، وهو الصديق الذى قام بضربه ولكمه فى ثانى يوم له بعد تلك التجربة بناء على رغبة مجموعة من الأصدقاء، حتى لا يعاني هو الآخر الاضطهاد.
وعلى الرغم من كثرة الشخصيات التي ظهرت حتى الآن لا نزال نرى السلاسة في تتابع الأحداث، والمرونة والتدرج المنضبط، حيث نقل المخرج باري جينكينز إلى الشخصية الثالثة بطريقة جميلة، حيث ظهرت شخصية بلاك (يلعب دوره الممثل تريفانت روديس) يصبح ذلك المراهق تاجرا للمخدرات. ويسير على خطى خوان في حياته، يتلقى كثيرا من الاتصالات من والدته لزيارتها في أحد مراكز العلاج من الإدمان، وفي ليلة تلقى اتصالا من كيفن (الذي يلعب دوره في هذه المرحلة أندري هولاند) حيث التقيا مجددا وعبرا عن حبهما لبعضهما البعض وانتهى الفيلم بالعودة إلى مشهد شيرون الصغير- ليتل- الذي يلعب على الشاطئ تحت ضوء القمر.
لقد بدا واضحا العمق الفلسفي للفيلم من خلال المراحل التي مر بها البطل، لكن بدا واضحا عدم وجود قصة متكاملة بل حاول المخرج، الذي يعد هو أيضا كاتب العمل، أن ينقل بين شخصيات مختلفة، لذلك اعتبر العمل بلا فكرة مجردة، أو أنه فكرة نابعة من باطن شخص ينحاز للعلاقات الشاذة.
أما من الناحية الإخراجية فهي جيدة إلى حد كبير، فاستطاع المخرج الابتعاد عن الروتين، واختار أماكن للتصوير تتناسب مع الأحداث، وأيضا حين أراد المخرج أن يبرز أفعالا يرفضها المجتمع، أو يواجهها جعلها في الليل، ليبرز أنها غير مسموح بها في وضح النهار.
أما أوقات الصباح فهي فقط للكلام، والعراك، والبؤس، ذلك كان ضمن الفكرة الإخراجية للمخرج، ويتصادف أنه أسود اللون، ليعتبر بذلك وبشكل واضح أن العمل يتحدث عنه.
والمخرج باري جينكينز هو من المخرجين الواعدين، لم يقدم أي أعمال سينمائية طويلة عدا هذا الفيلم، ومعظم أعماله اندرجت تحت مسمى الأعمال القصيرة، لذلك لم يشاهد الجمهور إبداعا إخراجيا، قدر التوازن فقط، دون فلسفة كما يقال.
خطأ الأوسكار
تجدر الإشارة الى أن فوز مونلايت بجائزة أفضل فيلم جاء بعد الإعلان عن حصول (لالا لاند) على الجائزة، وصعود أفراد طاقمه إلى خشبة المسرح، في خطأ فادح في تاريخ جوائز الأوسكار، التي تمنحها أكاديمية فنون وعلوم السينما الأمريكية. وأعلن مقدما الجائزة، الممثلان المخضرمان وارن بيتي وفاي دوناواي، في البداية أن فيلم «لا لا لاند» هو الذي توج بأكبر جوائز الليلة. واعتلى فريق عمل «لا لا لاند» خشبة المسرح لتسلّم الجائزة، وإلقاء كلمات الشكر، ليفاجأ الجميع بقول بيتي إنه أُعطي مظروفا خطأ. وحاول بيتي إيضاح الالتباس قائلا «أود أن أقول لكم ماذا حدث. فتحت المظروف وكان مكتوبا فيه «إيما ستون.. «لا لا لاند». وفي حرج واضح وبضحكة عصبية قال بيتي «لهذا نظرت إلى فاي ولكم طويلا. لم أكن أحاول أن أكون ظريفا». وكانت دوناواي هي التي أعلنت فوز فيلم (لا لا لاند) بالخطأ.