تعديل توازن الاقتصاد في الصين «2 من 2»
ما هي إذاً آثار تعديل التوازن في الصين على النمو بوجه عام؟
سيقع أكبر الأثر على دول الخليج، ولا سيما من خلال الروابط التجارية غير المباشرة، لكن المرجح أن يكون الأثر مقصورا على انخفاض في النمو بمقدار 0.1 نقطة مئوية لكل نقطة مئوية من الانخفاض في نمو الصين.
ويعادل هذا، على سبيل المثال، نحو نصف الأثر على جنوب شرق آسيا، وهي المنطقة التي يتوقع أن يصيبها الضرر الأكبر. وسيقع أقل الأثر على البلدان المستوردة للنفط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - حيث يقتصر على انخفاض بنسبة 0.01 نقطة مئوية لكل نقطة مئوية من التباطؤ الاقتصادي في الصين - إذ يؤدي انخفاض تكلفة النفط إلى تحسن عام في معدلات التبادل التجاري والدخول المتاحة للتصرف وتكاليف مدخلات الإنتاج.
فما هي إذا احتمالات النتائج الإيجابية؟ يمكن أن يؤدي التعرض لتزايد نمو الاستهلاك في الصين إلى دعم الواردات المتعلقة بالاستهلاك، بما في ذلك السياحة. ففي إطار عملية تعديل التوازن، بدأت صادرات الصين تصعد إلى أعلى سلسلة القيمة وتخرج من بعض القطاعات. ومن شأن هذا أن يوجد فرصا (رغم المنافسة مع جنوب شرق آسيا) أمام اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقوقاز وآسيا الوسطى للدخول في هذه القطاعات سواء لتلبية الطلب الاستهلاكي المتزايد من الصين أو لشغل محل الصادرات الصينية إلى بقية أنحاء العالم، ما يدعم النمو وتوظيف العمالة في المنطقة. ومن المتوقع أن تستفيد منطقة القوقاز وآسيا الوسطى بدورها من مبادرة "حزام واحد.. طريق واحد (OBOR)" الصينية التي تسعى إلى زيادة الربط والتعاون بين بلدان أوراسيا. وطبقا للخطط الحالية، يمكن أن تؤدي هذه المبادرة إلى زيادة الاستثمار (غالبا في البنية التحتية) في القوقاز وآسيا الوسطى بنسبة تصل إلى 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي سنويا على مدار السنوات الخمس القادمة، وحتى إذا أبطأت الصين خطى الاستثمار، فسوف تجني المنطقة مكاسب كبيرة، إذ إن زيادة العبور على طول الحزام المعني بالمبادرة ستتيح فرصة أمام البلدان لزيادة مبيعاتها للخدمات المتعلقة بالعبور، مثل المطاعم والفنادق ومحطات الوقود. وإذا تباطأت الاستثمارات المتعلقة بحزام المبادرة فسوف يتباطأ هذا الأثر، ولكنه سيستمر في رفع الإنتاجية والصادرات وتوظيف العمالة.
فما الذي ينبغي أن يقوم به صناع السياسات في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقوقاز وآسيا الوسطى إزاء عملية تعديل التوازن الجارية في الصين؟
أولا، من شأن زيادة مرونة سعر الصرف أن تؤدي في بعض الحالات إلى تيسير التكيف مع الصدمات والمساعدة في زيادة التنافسية، وهو أمر بالغ الأهمية لزيادة الصادرات إلى الصين وبقية أنحاء العالم. وثانيا، يمكن زيادة نصيب المنطقة من التجارة مع الصين وبقية أنحاء العالم مع مرور الوقت، وذلك بمساعدة الإصلاحات الهيكلية التي تستهدف رفع الإنتاجية وتعزيز تنافسية الصناعات القائمة على الاستهلاك والسياحة، ولكن النجاح أو الفشل في هذا المسعى سيتوقف على تحسين بيئة الأعمال وزيادة كفاءة سوق العمل وتعزيز مهارات العمالة وزيادة فرص الحصول على التمويل (خاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة) وتحسين البنية التحتية.