أسرار حدوث الأمراض
تخيل أن إصابتك بالرشح أثناء نزلات البرد والأنفلونزا ما هي إلا طريقة من طرق تخلص الدماغ من الفضلات التي تراكمت به من وجهة نظر الطبيب والفيلسوف اليوناني أبقراط فيخرجها عن طريق الأنف!
وكان الرئيس الأمريكي جون أدمز الشهير وبعض المثقفين والآباء يعتقدون أن بعض الأمراض مثل الكوليرا يسببها الهواء الفاسد الذي يمر ليلا، فكان الناس يدخلون بيوتهم ويقفلون النوافذ جيدا.
بقي هذا الاعتقاد حتى منتصف القرن الـ19 عندما اكتشفت البكتيريا والطفيليات!
هكذا كانوا يبررون حدوث الأمراض قديما، قبل وسائل الكشف والتشخيص والتحليل الحديثة فقد كان الناس حتى العلماء يفسرون الحالات المرضية بطرق غريبة أقرب إلى الجنون والهوس!
وهناك أمراض وصمت بالعار بسبب تلك التفسيرات الغريبة حتى وقت قريب مثل الصرع والجذام والأمراض النفسية، حيث كان الإغريق يعتقدون أن الصرع نوع من العقاب الإلهي للبشر نتيجة لغضب إله معين على هذا الشخص مثل إله القمر "سيلين"، أما من عانى صراخا فهو أساء إلى إله الزلزال والبحر والأحصنة "بوسيدون"، والعلاج هو التطهر ومحاولة إرضاء الآلهة الغاضبة، أما المجذومون فقد عانوا كثيرا من المرض ومن مجتمعاتهم، لأن حكم المجتمع في تفسيره لهذا المرض هو أن المريض قد أخطأ خطأ فادحا ولا يمكن التطهر منه، حتى إنهم كانوا يعلقون أجراسا بالرقبة تحذر الناس من الاقتراب، وفي بعض العصور كانوا يقومون له جنازة، وكأنه فعلا توفي ولا يرجع مرة أخرى للمجتمع، لأنه بالنسبة لهم متوفى فعلا! أما المرضى النفسيون فتفسير مرضهم كان وما زال مرتبطا بالأرواح الشريرة التي تتلبس الشخص ومصدر الشر النساء الساحرات خصوصا وليس الرجال، فالمرأة لديهم أقل كمالا وأكثر ضعفا لتتلبسها الشياطين وتصبح أداة لهم، إضافة إلى اعتقادهم أن المرأة لديها سببان مقابل واحد لتتلبسها الشياطين وهو ما تمر به شهريا والطحال الذي كان يعتقد أن الشر يخرج من خلالها، لذا هن أقوى شرا وسحرا!
ومن عجائب أبقراط أيضا اعتقاده أن رحم المرأة يتحرك في جميع الاتجاهات فيسبب لها حالات مزاجية صعبة وهستيريا في الضحك والغضب والحزن ولكي تقضي على ما تعانيه ينصحها بالحمل المتكرر وأكل الثوم ومضغه يوميا!
ونشأت فكرة مصاصي الدماء من تفسيرهم المجنون لمرض يدعى البورفيريا الذي يمنع المريض من الخروج نهارا لأن الضوء يؤذيه ويتسبب في تساقط جلده وأنفه وأذنيه!
وهذا التفكير العجيب بدلا من التفكير في حلول واقعية ليس له تفسير مقنع إلا هوس الخوف من المجهول فهم لم يكونوا جهلة، بل منهم علماء ما زلنا نطبق نظرياتهم حتى اليوم!