إثراء الهوية الوطنية
يقول الروائي أحمد أبو دهمان في حوار أجراه معه الزميل علي مكي في عكاظ أمس (الثلاثاء): "بلادنا قصة عظيمة لم ترو ولم تكتب بعد. والسعوديون أحوج الناس إلى معرفة تاريخهم وفنونهم، إلى معرفة هذا الثراء واكتشافه، إلى اكتشاف هذا التنوع الهائل في ألوان الفنون والعرضات والرقصات والأزياء واللهجات وغيرها". (عكاظ 14/2/2016).
كان الكاتب عبد الله بن ناصر العتيبي قد ناقش في عدة مقالات في صحيفة الحياة مسألة الهوية الوطنية وقال في أحدها "صار لزاما على الأجهزة التنفيذية والتشريعية أن تبدأ من اليوم في وضع حجر الأساس لمشروع وطني ضخم يرسم ملامح «الهوية السعودية»، ويمدها بالأدوات اللازمة لصناعة صورة ذهنية ملائمة للمواطنين في الداخل والمتماسين مع كلمة «السعودية» في الخارج" (الحياة 31/5/2016).
لا شك أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـــ يحفظه الله ـــ، كان يستحضر هذا الأمر منذ سنوات طويلة، وفي سبيل ذلك جاءت عدة مبادرات في مقدمتها دارة الملك عبد العزيز.
ومع إنشاء الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وإطلاقها أصبح مصطلح الهوية الوطنية عنوانا من العناوين المهمة التي يتناولها الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة.
تذكرت كلمات الأمير سلطان في أكثر من مناسبة، وأنا أستعرض الطروحات المميزة للأستاذين أحمد أبو دهمان وعبد الله العتيبي. لا شك أن ثمة سلسلة من المبادرات التي جاءت لإثراء مسألة الهوية الوطنية مثل المهرجان الوطني للتراث والثقافة. وهناك مبادرة "عيش السعودية" التي تستهدف الجيل الجديد في المدارس والجامعات. ولا ننسى برنامج خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري. ويؤكد الأمير سلطان بن سلمان دوما أن التراث الوطني مكون أساس في مسألة الهوية الوطنية.
ولا شك أن سؤال الهوية الوطنية ليس سؤالا خاصا بنا فقط. ولكن بين إفراط وتفريط، تتماهى الهوية الوطنية مع العولمة والخصوصيات. وهذا يعيدنا حتما إلى طروحات أمين معلوف وكتاباته اللافتة عن الهوية من خلال كتابه "الهويات القاتلة" وكذلك كتابه "اختلال العالم". وقد قال في حوار أجرته معه «فرانس 24» بمناسبة صدور كتابه «مقعد على السين» العام الماضي إنه يخشى على المجتمعات العربية من انهيار القيم.
إن إثراء الهوية الوطنية لدى الأجيال الجديدة يمثل هاجسا بالنسبة لمثقفين كثر في المملكة. هذا الاهتمام إيجابي، وهو يأتي بعد أن عاشت أجيال كثيرة أزمة سؤال الهوية خشية تلك الفكرة المتخيلة عن أن حب الوطن يتناقض مع التدين.