المدينة المنورة..بدايات التاريخ
تتهيأ المدينة المنورة للاحتفال بتسميتها عاصمة السياحة الإسلامية لمدة عام كامل. وتتزامن هذه الاحتفالية مع إثراء مبادرة السعودية وجهة المسلمين، التي تسعى إلى ربط المسلمين بالسياحة داخل المملكة وزيارة الأماكن التي ارتبطت ببدايات التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية العطرة.
ولا شك أن المدينة المنورة وقبلها مكة المكرمة كانتا ولا تزالان مهوى أفئدة كل المسلمين. والوصول إلى هاتين المدينتين لأداء فريضة الحج أو العمرة وزيارة المسجد النبوي من أغلى الأمنيات لمن لم يزرهما، وتكرار الزيارة لمن زارهما أمر لا يجادل أحد في أهميته بالنسبة لكثير من المسلمين.
وقد أعطت حكومة المملكة منذ تأسيسها اهتماما عاليا للعناية بمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، وجعلت خدمة الحجاج والمعتمرين في مقدمة اهتماماتها، ومن هنا فقد توالت التوسعات للحرمين الشريفين والتطوير للمشاعر المقدسة. ولا ننسى في هذا السياق برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري.
لقد ارتبطت مكة المكرمة والمدينة المنورة وبقية المشاعر المقدسة ومواقع التاريخ الإسلامي بوجدان المسلمين، ولا شك أن تحقيق الإشباع لهذا الشغف من الخطوات التي تحقق مزيدا من الإثراء للذاكرة، كما أنها تسهم في تعزيز هوية المسلمين وربطهم بمركز الإشعاع وقبلة الإسلام، ومن خلال ذلك يمكن تكريس الاعتدال والوسطية والتوازن الذي يحفظ الأجيال من التطرف المفضي إلى إيذاء النفس؛ سواء كان هذا الإيذاء من خلال تبني فكر الإرهاب أو الأفكار الأخرى المفضية إلى النأي عن الدين وضياع الهوية.
إن الإسلام، كان ولا يزال رسالة سلام ومحبة، وعنوان المسلم ورسالته في كل لحظة هي، السلام عليكم. وهو بهذا السلوك وهذا النهج يشيع الطمأنينة والألفة ويؤكد أن اللغة الأسمى هي لغة المحبة. ولكن مثل هذه الأفكار توارت مع الأسف، وسادت لغة الغضب والإرهاب والخصومة مع الآخر المختلف، وهذه أفضت أيضا إلى إيجاد جيل يعاني البعض منه من الشك بسبب شح المعلومات عن التدين الرشيد.
ولا شك أن مكة المكرمة والمدينة المنورة هما البقعتان اللتان يتم من خلالهما تعزيز هذا الاعتدال، إذ تذوب فيهما الفوارق في اللون والجنس والمذهب، وتبقى حقيقة التوجه إلى قبلة واحدة والدعاء لرب واحد سبحانه ـ عز وجل ـ.
خلال عام كامل، سيتعايش المواطنون والزائرون مع المدينة المنورة باعتبارها عاصمة السياحة الإسلامية، وسيتعرفون من خلال ارتياد أكثر من 200 موقع تاريخي وسياحي على المحبة والألفة التي صاغتها الهجرة النبوية صوب المدينة المنورة والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، التي كانت عتبة لانطلاق الإسلام وانتشاره في أرجاء العالم المختلفة.