الصين .. وريادة العالم في تقنيات الطاقة المتجددة
وفقا لتقرير صادر عن المعهد الأسترالي لاقتصاديات الطاقة والتحليل المالي IEEFA وهو مؤسسة بحثية مستقلة معنية بمتابعة أسواق الطاقة العالمية فإن الصين تهيمن بشكل متسارع على سوق الطاقة المتجددة العالمية سريعة النمو، وذلك بفضل الشركات المملوكة للدولة التي تقوم بالاستثمارات الخارجية الضخمة ما يحافظ على الريادة الصينية. وتحتاج دول مثل الولايات المتحدة وكندا إلى تطوير استراتيجية واضحة وقوية وتنفيذها في معركة تجارة المنتجات والخدمات الداعمة للطاقة المتجددة التي أصبحت الآن تفوق الاستثمار في الوقود الأحفوري في قطاع الطاقة.
وقد استثمرت الصين – المعروفة بمستويات التلوث الخطيرة - في هذا المجال أكثر من كل من الولايات المتحدة "44.1 مليار دولار " والمملكة المتحدة "22.2 مليار دولار " واليابان "36.2 مليار دولار " مجتمعة، وذلك بحسب التقرير السنوي عن الاتجاهات العالمية في مجال الطاقة المتجددة الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة. وإجمالا استثمرت الدول في جميع أنحاء العالم 286 مليار دولار في القدرات والتقنيات الوليدة وأعمال البحث والتطوير الخاصة بالطاقة المتجددة في عام 2015م، وهو ما يعد أكثر من ستة أضعاف الاستثمارات المماثلة في عام 2004م ويسجل رقما قياسيا عالميا جديدا بعد إضافة 13 مليار دولار على استثمارات 2014م.
ولا يعد استمرار الاستثمارات مثل تلك التي شهدها عام 2016م أمرا جيدا لكوكب الأرض وساكنيه فحسب، بل يمثل عنصرا أساسيا في تحقيق الأهداف الدولية بشأن تغير المناخ والتنمية المستدامة. وفي السوق المحلية استثمرت الشركات الصينية 103 مليارات دولار في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات منخفضة الانبعاثات المرتبطة بها، بزيادة 17 في المائة على عام 2015م وضعفي ونصف المبلغ الذي أنفق في الولايات المتحدة التي حلت ثاني مستثمر رئيس في قطاع الطاقة المتجددة وفقا لتقرير المعهد الأسترالي لاقتصاديات الطاقة والتحليل المالي IEEFA.
وتثبت الصين بهذه الممارسات لكل من الدول الصناعية الكبرى والدول الساعية للتحول الصناعي أن الانتقال إلى الطاقة الخضراء أمر ممكن وأنه يمكن أن يحقق منافع اقتصادية واجتماعية وبيئية. ويمكن للسياسات التي تنتهجها الحكومة أن تؤثر في وتيرة التغيير. ويعمل كل من التحسن التقني وانخفاض التكاليف - وكذلك سياسات تغير المناخ - على دفع الاستثمارات باتجاه مصادر الطاقة المتجددة، ليس فقط في مجال الكهرباء ولكن أيضا في السيارات الكهربائية وتقنيات الكفاءة. ويمكن لهيمنة الصين المتزايدة على سلسلة التوريد أن تثبط الولايات المتحدة ودول أخرى عن الملاحقة القوية لخيارات الطاقة المتجددة، لأن الآثار على العمالة ستقل حال وجوب استيراد عديد من الأجزاء. ويهدد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أيضا بفرض رسوم جمركية على عديد من الواردات إلى الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يرفع تكلفة مكونات الطاقة المتجددة.
كما تتحول الصين لتصبح المتعهد الرئيس لتطوير البنية التحتية الدولية في إفريقيا وآسيا الوسطى من خلال استراتيجية إحياء طريق الحرير، ما يوجد أيضا انعكاسات قوية على خيارات الطاقة لدى الدول الأخرى. حيث إن أكبر شركات تصنيع ألواح الطاقة الشمسية في العالم شركات صينية. ويقع نصف أكبر عشر شركات تصنيع توربينات الرياح في الصين، وذلك بعد تخطي شركة شينجيانج جولد للعلوم والتقنية المحدودة لشركة فيستاس الدنماركية لأنظمة الرياح في عام 2015م لتصبح أكبر مصنع للتوربينات في العالم. كما أن خفض الدعم في أوروبا وتباطؤ النمو الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة يمكن أيضا أن يسهما في هذا الاتجاه. ومن بين العوامل التي أدت إلى هذا التحول في الاستثمار نحو الدول النامية وبعيدا عن الاقتصادات المتقدمة الطلب المتصاعد في الاقتصادات الناشئة، ولا سيما اندفاع الصين نحو طاقة الرياح والطاقة الشمسية. كما أن انخفاض تكلفة الطاقة المتجددة يمثل عاملا في ارتفاع الطلب عليها في جميع أنحاء العالم.