رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


المرأة الإنسان

هل تستطيع شعوب الشرق أن تؤصل الآن لمفاهيم المرأة الإنسان المكتمل المساوي في الحقوق والواجبات بعيدا عن ذاك الإنسان، المشتهى، والضعيف، الذي يمثل الغواية المزمنة.
الغواية وأخواها، فرضا التحذير المزمن منها، والسعي المفرط لإبعادها حتى عن حقوقها الأصيلة كإنسان كامل.. الله خلق الإنسان بجنسيه من "نفس واحدة" ومن مرتبة واحدة من "الإدراك والعقل" وتعامل مع هذه النفس على درجة واحدة من المسؤولية، والثواب، الجزاء لا يختلف عن العطية، "السارق والسارقة"، و"الزانية والزاني".. و"من ذكر أو أنثى".
المشتهى، والضعف، والغواية.. ثالوث - فقه المذكر -  فقد الرجل، إنه يعتقد بأن المرأة بوصفها غواية له، وباعتبارها المشتهى القاهر، وبوصفها هي ضعيفة - بحسب تقديره - عن الممانعة، وربما هو أشد ضعفا منها فرض - مفاهيم - العزلة والإبعاد.. والإخراج من المشاركة في الحياة الطبيعية.. خارج وظائف الأمومة وخدمة المنازل.
هناك - فقه - عمليا توقف عن الاجتهاد الحقيقي، أو توقف أمام القدرة على تقديم رؤية تخالف الموروث، منطلقة من الثوابت المستقرة، متحركة من الوعي بمفردات القرآن، وتطبيقاته على الإنسان والحياة. وتجاوز - حالة الانغماس، للنفس، والعقل، والشعور لذلك الاجتهاد القديم، حتى باتت رجفة الخوف حاضرة عند كل تجديد يعبر تحديد المذهب الفقهي المقيد، إلى فضاء القرآن والإسلام بعموم مذاهبه وتنوع الفهم والوعي لأحكام الله عبر الأزمنة، واختلاف الحضارة والمكان.
ليس كل مشتهى يعاقب بعزله عن حقه في الحياة، ولكن كل "مشتهي" مفروض عليه أن يتوقف عند ما لا يملك، وما لا يحل له، وأن يترفع إلى غض النظر عما هو محرم عليه، أو هو ملك لغيره.
لقد انهدمت عبر قرون قواعد العقوبة، والعدل، فقد فرض الذكور على المرأة ثقافة الضعف، والعزلة، والإبعاد عن - الحياة الاجتماعية - الطبيعية، وحقوقها الإنسانية الأصيلة، وهذا ما انتهى إلى ضعف الإدراك المؤقت عندها أحيانا، كعقل المحبوس في عزلة لجسده، وعقله، ونفسه، وحياته الاجتماعية. سينتهي إلى ذات الضيق، وإلى الضعف نفسه.
قرون من العزلة، وليس قرنا واحدا، جعل - الجنس الناعم - في أماكن كثيرة من العالم الإسلامي، بحاجة أولا إلى تأهيل يرفعها لنضجها بذاتها، وبصيرة لواقعها قبل أن تستوعبها الحياة الاجتماعية الجديدة، بكل قسوتها، وتبدل قيمها ومفاهيم الأخلاق فيها.
في المجتمعات المحدودة العدد، وفي المجتمعات التي توصد بابها على نفسها بعد دخول آخر جار من الحي.. كأن بيوتهم غرف متباعدة لأسرة واحدة.. لم يعد هذا قائما الآن.. وتبدل الحال إلى مجتمع فيه من غرب الدنيا، وشرقها في كل مكان، وفيها نصيب وافر من عقيدة "الصياد" و"الطريدة". وحين تكون هي المشتهى الضعيف والطريدة.. فهي بحاجة إلى مهارات كثيرة، وليست قليلة. تحتاج إلى أن تتعافى من كل قسوة ما تم حرمانها منه، وتحتاج إلى بصيرة تجعلها تتمتع بفهم الواقع بحقيقته الجديدة، وبقسوته المتنوعة. وبمتغيراته الدائمة قبل أن تنغمس فيه، وقبل أن تكون واحدة منه.
ستنزل أعداد أكبر من النساء في المجتمعات المغلقة والمحافظة إلى سوق العمل بكل ما فيها، وستكون مع كل من فيها. وهذا يفرض بحكم الضرورة والواجب.. ذاك التأهيل النفسي والمعرفي ورفع الوعي لمرحلة ما بعد العزلة.. كي لا تكون الطريدة السهلة، في حياة تتصف ملامحها بالقسوة كل يوم أكثر.. وتصعد إليها كل يوم درجة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي