رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«النكتة» هل هي بريئة دائما؟

هي ليست بضع كلمات ترسم البسمة على الشفاه وتزين المجالس وتحملك على الضحك إلى حد القهقة، بل هي عبارة عن فن مكون من جملة قصيرة تبرز فيها تقنية لغوية عالية جدا، فما يحتاج إلى صفحات وكتب لتعبر عنه تلخصه لك النكتة في كلمتين أو سطر، تختصر الواقع وتختزل شعور الشعوب الوجداني وآلامهم وآمالهم فتحوله إلى بسمة تخفف عنهم مرارة الواقع أو تصور حقيقته.
ولا يقتصر دور النكتة على الإضحاك فقد لعبت دورا كبيرا عبر التاريخ فمن تعبير وسخرية من الذات إلى سلاح نفسي في الحروب الباردة، انظر ماذا تفعل بك النكتة، كيف تعريك وتضحكك على نفسك وكيف يستخدمها عدوك للنيل منك وتقليل عزائمك.
وأول نكتة في التاريخ كانت سومرية وجدت مكتوبة على جدار أحد الحمامات عام 1900 قبل الميلاد ولم تذكر لبذاءتها أما أول نكتة مدونة فكانت نكتة سياسية مصرية تقول إن فرعون رغب في الصيد فلم يجد شيئا يصطاده، فألقى أحد رعاياه المصريين في النيل كي يصطاده.
وحاولت الرابطة البريطانية لتطوير العلوم أن تختار أطرف نكتة في العالم وأجرت استطلاعا عبر الإنترنت واختارت نكتة من بين 40 ألف نكتة، شارك فيها أكثر من مليوني شخص تناسب ذوقهم ولا تضحكنا نحن.
ولكن هل النكتة دائما بريئة؟ في الواقع هي ليست بريئة تماما، إنها تعتمد في أساسها على السخرية والشماتة والتشفي أو تحقير مشاعر وأفكار الآخرين أو حتى الذات. كما تتضمن بعض النكات تطاولا على القيم أو جانبا عنصريا. وبنظرة عامة تستهدف أغلب الشعوب في نكاتها فئات معينة على أساس عرقي أو ديني أو مناطقي يتم نسج النكات عليهم بشكل ثابت. مثلا، أغلب النكات في بريطانيا تبدأ بالقول هناك رجل اسكتلندي أو إيرلندي أو حتى امرأة من ويلز. وفي مصر تبدأ بالقول في واحد صعيدي وقس على ذلك .. ويتضح من هذا الأسلوب محاولة صانع النكتة تبرئة نفسه وجماعته وإلصاق نواقص المجتمع بفئة معينة.
لقد اعتبرها عالم النفس الشهير فرويد وسيلة نفسية دفاعية لتفادي شعور معين مشيرا إلى أنها قناع عدواني نشهره في وجه الآخرين كي نستعيد توازننا النفسي.
ومن الغريب أنه كان لها مؤسسات ترعاها رغم ارتباطها بالفئات الشعبية فقد أنشأ حسن الآلاتي صاحب كتاب (ترويح النفوس ومضحك العبوس) لهذا الغرض مقهى بحي الخليفة باسم المضحك خانة الكبرى عام 1889 بعد سبع سنوات من الاحتلال الإنجليزي لمصر, وأصبح في ذلك الوقت مقصدا لكل الساخرين القادمين من أنحاء القاهرة للتنافس في ابتكار النكات السياسية التي استهدفت التهكم على جنود الإنجليز.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي