الرجل «البومة»
"عندما بنيت قاربي جف البحر"، مقولة شهيرة لا أعلم قائلها، ولكني أراها كثيرا في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وفي الدائرة الواسعة في علاقاتنا، وهي مقولة لا شك محبطة، وتدل على أن صاحبها أو متبنيها ومرددها منغمس في "الحلطمة" والسلبية، ومتشائم إلى أعلى درجة.
عندما ترتب لأمر ما ويتبدد أو كما يحلو للبعض الترديد عندما بنيت قاربي جف البحر، فهل توقفت الدنيا؟ بالطبع لا، فيمكنك أن تعبر البحر مشيا على الأقدام أو عبر دراجة هوائية، أو عبر "جيب ربع"، فوسائل العبور كثيرة، ولكنها "الحلطمة" قاتلها الله وعافانا وإياكم منها.
عندما تجد أحدهم في مواقع التواصل الاجتماعي أو في العمل أو في محيطك العائلي أو من بين الأصدقاء يردد تلك المقولة، فاعلم أنك أمام مصدر خطير للطاقة السلبية، قد تصيبك وتتلبسك، وتجعل منك إنسانا سلبيا في غفلة من نفسك، فالأمثال والأقوال المأثورة ليست قرآنا منزلا، والإيمان بها يأتي في سياق تطابقها مع ما هو موجود داخل النفس.
الأشخاص السلبيون كثر، قد تجدهم في كل مكان حتى في داخل منزلك، هؤلاء محبطون في الأساس، ولا يملكون القدرة على الابتكار، وكارهون للعمل، ولا يبادرون إلى تطوير الذات، ويسقطون عند أول عثرة، ولا يستطيعون النهوض من جديد، قبل أن يبادروا إلى "الحلطمة" ليس من أجلها وليس حبا فيها، ولكنهم يسعون لجذب الآخرين لتلك الدائرة السلبية التي انغلقوا حولها.
ما دفعني إلى الكتابة عن السلبيين والطاقة السلبية و"الحلطمة" هو صديق سوداوي، كل شيء في نظره سيئ، لا يتفاءل أبدا، ومتشائم من كل خطوة، ودائما ما يردد "يا رجل لا تتعب نفسك الدنيا دبور"، ومن كثرة تشاؤمه أطلقت عليه لقب طائر "البومة"، وهو طائر ربط العرب منذ قديم الزمن بينه وبين التشاؤم.
السلبي شخص استوطن اليأس نفسه، منغمس في الإحباط، ويرى العالم من حوله أسود، ومقبلا على كارثة ودمار لا مثيل له، ناقم على كل شيء جميل، فالتخلص منه والابتعاد عنه واجب وضرورة ملحة لحياة مليئة بالتفاؤل، فالحياة قصيرة، ولا تتحمل العيش بين أناس سلبيين يفسدونها ويجعلونها لا تطاق.