شبابنا.. وتحطيم الصورة السلبية
موضوع اليوم يهم كل شاب وشابة في مجتمعنا الباحث عن تهيئة فرص العمل والإنتاج والنجاح لهذا الجيل في ظل التحول الذي نأمل أن يطبق عمليا كما قرأناه نظريا.. ولقد عانى الشباب الصورة النمطية السلبية التي رسمها له أعداء النجاح الذين لا يريدون له ولبلاده الخير.. فلقد عملت "معرفات وهمية" من داخل وخارج الحدود ومن دول معينة على رسم صورة للشاب والشابة السعوديين على أنهما لا جلد لهما على العمل والانضباط في الحضور والانصراف وأن بعض الشباب بالذات يريد أن يكون "مديرا" منذ اليوم الأول له في الوظيفة... وانطبعت هذه الصورة السلبية مع الأسف في أذهان بعض المسؤولين في القطاعين الحكومي والخاص.. وسمعنا من يردد هذه المقولة في مجالسنا الخاصة والعامة وفي بعض مجالس إدارات الشركات، حتى أصبح الرأي السائد أن يطلب لكل وظيفة خبرة لا تقل عن ثلاث سنوات وربما لغة إنجليزية، حيث لا يقبل الشاب السعودي المتخرج حديثا حتى لو كان صاحب مواهب وإمكانات شخصية تعوض عن الخبرة العملية وتؤهل للنجاح..
وشمر شبابنا اليوم عن سواعد الجد لتحطيم الصورة السلبية وتحدي الشروط، ووافق كثير منهم على أن يعمل مجانا لعدة أشهر في الوظيفة التي يتقدم للعمل فيها حتى يؤكد لهم أن هدفه إثبات نفسه عمليا بعد اجتيازه المقابلات الشخصية النظرية.. ولقد دارت مناقشة حامية بيني وبين حاصل على مؤهل الدكتوراه من أمريكا.. ويؤمن بأن شبابنا غير جاد، وضرب مثلا بالشاب الأمريكي الذي يعمل مجانا في الشركات ليكسب الخبرة.. وكان ردي عليه سريعا وقويا إنك لا تعيش واقعنا؛ فالشباب هنا وأعرف بعضهم يعمل مجانا وبدوام كامل لاكتساب الخبرة والحصول على الوظيفة عن جدارة.. وانتقل للتخلص من الإحراج إلى المقولة الأخرى بأن الشاب لدينا يريد أن يكون مديرا.. وهنا أعدت عليه السؤال (أين تعيش أنت؟) الشاب الذي تتحدث عنه أيها الدكتور العظيم يريد وظيفة أي وظيفة.. ولذا تجده يبيع الشاي والقهوة في أكشاك وسيارات على الطريق، وليس في ذلك عيب.. والأمثلة كثيرة على أن شبابنا قرر وبكل قوة تحطيم الصورة السلبية لكنه يحتاج إلى من يساعده.. ليس بالمال.. فالدعم المادي والقروض ليست كل شيء.. ولذا أدعو "الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة" ألا تهمل الجوانب الأخرى في دعم صغار المستثمرين فالتدريب على كيفية إعداد الموازنات وخطة العمل وطريقة متابعة التنفيذ تساوي من حيث الأهمية القرض الذي تحصل عليه عن طريق برنامج "كفالة" أو غيره من مصادر التمويل الأخرى.
وأخيرا:
ما يحتاج إليه شبابنا لترجمة حماسهم في مرحلة التحول هو التدريب المتخصص، فليست هناك جهة مهتمة بهذا الجانب مع الأمل في استمرار التأهيل الجامعي على أقل تقدير.. فالمؤهل الجامعي ضروري ليضع الشاب على الطريق الصحيح لكي يستوعب التدريب في جميع المجالات، وبالتالي النجاح كما نجح شبابنا في "سابك" و"أرامكو" والبنوك السعودية، حيث وجدوا التدريب المتخصص بعد حصولهم على المؤهل الجامعي، والأهم من كل ما ذكرنا هو إعطاؤهم الثقة التي هي مفتاح النجاح في أي عمل.