اختبار «تمز» وترتيبنا
نقف على عتبة الاختبارات ولذلك رأيت التذكير بالمسؤولية العامة نحو التعليم من خلال عرض للمقارنة العالمية وترتيبنا في القائمة. صدر تقرير تمز العالمي TIMSS لتقييم أداء الطلاب العالمي في الرياضيات والعلوم لعام 2015، التقييم عادة لطلاب الصفين الرابع والثامن. منذ أكثر من 20 عاما وسنغافورة وهونج كونج وتايوان وكوريا واليابان تحافظ على تقدم واضح مقابل الآخرين. يعتبر الاختبار أعرق اختبار دولي لتقييم هذه المواد في العالم. كذلك تفوقت هذه الدول في العلوم ولكن بدرجة أقل من الرياضيات، في العلوم سجلت سنغافورة وكوريا واليابان وروسيا أعلى المراتب للصف الرابع، بينما سجلت سنغافورة واليابان وتايوان وكوريا وسلوفينيا المراتب الأولى للصف الثامن. أكثر من 600 ألف طالب وطالبة في 60 بلدا شاركوا في التقييم. على فترة 20 عاما الماضية هناك تقدم في أغلب البلدان ولكن هناك تغيرا في المراكز ما يدل على تقدم في التعليم عالميا وتناقص في الفجوة أحيانا في البلد الواحد. التقرير غني بالملاحظات والمقارنات ولذلك أكتفي بالبعض منها.
ـــ لأول مرة يستطيع 40 في المائة من الصف الرابع في الرياضيات والعلوم و30 في المائة من الصف الثامن الوصول إلى المستوى المقبول عالميا.
ـــ تناقصت الفجوة بين الجنسين وإن كان الأولاد ما زالوا أعلى درجات كلما تقدمت المرحلة.
ـــ البداية المبكرة للأطفال لها تأثير كبير بعيد المدى، فكان واضحا دور الوالدين في التعليم الأولي غالبا قبل الدراسة.
ــــ يبدأ الطلاب على درجة عالية من الثقة بالرياضيات والعلوم في الصف الرابع ولكن هذه الثقة تتآكل حين يصلون إلى الصف الثامن.
شاركت المملكة وعدة دول من المنطقة في التقييم وجاءت النتائج في ذيل القائمة. فمثلا حققت بعض الدول للصف الرابع في الرياضيات تقييما متفاوتا كالتالي: سنغافورة (618)، اليابان (593)، روسيا (564)، أمريكا (539)، السويد (519)، كندا (511)، تركيا (483)، الإمارات (452)، البحرين (451)، قطر (439)، إيران (431)، عمان (425)، الأردن (388)، السعودية (383)، المغرب (377)، الكويت (353) كآخر دولة.
طبيعة التحدي التنموي واضحة في هذه النتائج، فالتقدم والتخلف دائما نسبيان ولكن حين تكون الفجوة مؤثرة ولمدة معتبرة لا بد أن يكون الحكم على التجربة قاسيا ويتطلب مراجعة شاملة وعميقة. التحدي كبير ولن يحدث تقدم جوهري في المجتمعات العربية ونحن في ذيل القائمة. ولكن يصعب أن يقع اللوم على طلاب الصف الرابع، بينما الوالدان في غياب ومسؤولو التعليم لا يطالبون بالأفضل عمليا بجدية. لا يمكن أن نأخذ بالعلم دون الاستعداد لتغيير مؤثر في الإدارة التعليمية وهذا بدوره يتطلب درجة أعلى من المرونة الذهنية والعملية من صناع ليس القرار التعليمي وحده ولكن في دوائر مجتمعية أوسع. لا بد من دور مختلف نوعيا لإدارات التعليم ومديري المدارس بما في ذلك مرونة أعلى للتخلص من المعلم المقصر. لا يحبذ التخلص من الإدارة المركزية بالكامل مرحليا، ولكن لا بد من التجريب على بعض المناطق والمدارس واستخلاص الدروس وتنقية الممارسات تدريجيا وإذكاء المنافسة على جميع المستويات أفقيا ورأسيا. لا يمكن أن نرمي المسؤولية على الأجهزة التعليمية دون تغيير في أنماط تصرف الوالدين وحرصهما على تعليم أولادهما وبناتهما. النهضة المجتمعية تتطلب دورا للجميع.