2017 - 2020 .. «التوازن» مالي وتحقيقه اجتماعي

2017 - 2020 .. «التوازن» مالي وتحقيقه اجتماعي
جانب من حضور المؤتمر الصحافي الذي شهد إطلاق برنامج تحقيق التوازن المالي.
2017 - 2020 .. «التوازن» مالي وتحقيقه اجتماعي
الوزراء المعنيون بتقديم برنامج تحقيق التوازن المالي يجيبون عن أسئلة الحضور.

لطالما حُصرت النظرة الشعبية السعودية لموازنة الدولة العامة في السؤال عن أمرين لا ثالث لهما؛ الفائض والعجز، حيث الأول يدعو المواطن إلى لتفاؤل، بينما الثاني يحمل في طياته كثيرا من المخاوف. في حين إن المعرفة الاقتصادية العميقة لا تفضل الاثنين غالبا، فكما أن العجز قد يحمل على مزيد من الدين، فإن الفائض قد يؤدي إلى تضخم غير مرغوب فيه، ليبقى التوازن هو الأفضل في أدبيات الاقتصاد وتطلعات المجتمع. وهو التوازن الذي تطرحه على مسامع المواطنين "رؤية 2030" عبر برنامج معلن اعتمدت آلياته في موازنة 2017 وصولا إلى تحقيق غاياته في 2020.

والحديث هذا العام ليس عن "طموحات" بل عن "برامج تنفيذية" موضوعة بدقة وبأهداف واضحة، كما أكد ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في خطابه المتزامن وإقرار ميزانية 2017، إيذانا بتدشين اقتصاد جديد محصن بشفافية الأرقام ومدفوع بتطلعات المواطنين، الذين ارتأت القيادة أن تشاركهم استباقيا أبسط المعلومات والأرقام وأعقدها على طريق "الرؤية"، لعلمها كحكومة بأن المجتمع هو العنصر الفاعل والضامن الوحيد لتحقيق هذا التوازن، ماليا واقتصاديا، اجتماعيا وسياسيا.

ليأتي التعريف المالي والاقتصادي بهذه الموازنة متجاوزا وفارقا هذا العام سواء كان ذلك على مستوى الالتقاء المباشر بقادة الرأي والفكر في البلد بمختلف توجهاتهم أو على مستوى توفير المعلومة من على المنصات الاجتماعية وعلى رأسها حساب وزارة المالية الذي لم يألُ جهدا في تعريف المواطنين ـ بطرق ميسرة ـ بكثير من مفاتيح الاقتصاد ومصطلحاته، لغرض واضح يروم إشراك المجتمع في تفاصيل لم يعتد الخوض فيها.

وصولا إلى مؤتمر صحفي من قبل المعنيين في الحكومة، شامل ومتكامل الملامح، والأهم أنه يأتي متسقا ورغبة التحول من اقتصاد ريعي يرتهن لمزاج أسعار النفط المتقلب إلى اقتصاد إنتاجي يحرص المواطن البسيط فيه قبل المختص على متابعة إنتاجه القومي شهريا وربع سنوي، ما دعا وزير المالية خلال المؤتمر الصحفي إلى الوعد بتوفير كل ما يلزم للاطمئنان على سلامة المسيرة الوطنية ومخرجاتها الإنتاجية يوما بعد آخر.
#2#
وكل ذلك، لا يمكن للمجتمع توقعه أو تحقيقه دون الرجوع إلى نظام مالي محكم بوظائف مختلفة يجب عليه تحقيقها؛ من خلال أدواته المتعددة كالإنفاق العام والإيراد العام، وأهم تلك الوظائف تحقيق التوازن المالي أي توازن الميزانية العامة للدولة. فالميزانية العامة للدولة كما يعرفها أغلب المختصين؛ "عبارة عن خطة لبرنامج عمل مالي؛ تحتوي على بيان تقديري مفصل وشامل للنفقات العامة والإيرادات العامة للدولة، خلال فترة زمنية مستقبلية عادة ما تكون سنة؛ بحيث تؤدي إلى تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية طبقا للسياسة العامة للدولة، ويتم اعتمادها من قبل السلطة التشريعية".

يبقى التوازن المالي وفقا لهذا التعريف هو الأداة لتحقيق التوازنات الاقتصادية والاجتماعية، شرط أن يكون على هيئة برامج تنفيذية ملموسة يشارك الجميع في تنفيذها وليس التطلع فقط لمخرجاتها، كما هو الحال مع أنواع أخرى من الميزانيات المعنية بالبنود واستعراضها أكثر من عنايتها بالبرامج الفعلية وتطبيقاتها. وهنا يكمن فرق الموازنات الأخيرة ومتانتها اقتصاديا واجتماعيا منذ الإعلان عن "رؤية 2030" وبرامجها المتتابعة، بدءا ببرنامج التحول الوطني وصولا إلى التوازن المالي وحساب المواطن.

ولعل التكامل عمليا وسلوكيا بين التوازن المالي وحساب المواطن رغم تفاوت مستوياتهما التنفيذية يعطي انطباعا عاما ولافتا عن مدى التدقيق والعناية في اختيار هذه البرامج، حيث الأول يعنى بهيكلة وضبط حسابات الدولة بشكل عام، بينما يساعد الثاني الأسرة نواة مجتمع الدولة وقوامها الأساسي على امتصاص الأعباء المترتبة، فضلا عن تحفيز الأسرة بشكل خاص على ضبط حساباتها وترشيد إنفاقها هي أيضا تجاه مواردها ومقدراتها الوطنية والطبيعية.

إذن، هي برامج متدرجة زمنيا ومتكاملة عمليا للخروج بأقل التكاليف وأفضل النتائج وأكثرها فعالية، على جميع المستويات البشرية والبيئية والاقتصادية، تحقيقا لـ "رؤية" البلاد التي انتقلت بدورها مع هذه البرامج وبتوجيه وإقرار من قائد المسيرة الوطنية خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز من حيّز الطموح المستحق إلى مسارات التنفيذ والتدقيق والمتابعة.

الأكثر قراءة