التأثير المسيء

حديث أمس عن أبطال ساحة وسائل التواصل الجدد يستمر، ولن يغير الكثير من التوجهات الحديثة بسبب سيطرتها غير المسبوقة على العقل الجمعي، واتباعها نمطا فكريا واجتماعيا وتاريخيا معينا، سبق أن شاهدناه في أغلب التوجهات العامة.
إن تعلُّق المتابعين بالشخصيات التي يحبونها مؤثر مهم في تغيير وجهات النظر، كما أن الشكل الخارجي له قدرة كبيرة على تغيير الآراء، وسحب الناس في اتجاه شخص يحمل مفهوما معينا. عندما نشاهد الانتخابات في أغلب دول العالم، نكتشف التأثير البصري للكثير من الشخصيات التي حولنا، والقدرة التي يحملونها بسبب المظهر الخارجي على تغيير رؤى الناس.
لا يعتمد قولي هذا على التطبيق في حضارات غير مثقفة، وإنما ينطبق على كل المستويات البشرية؛ لأن العاطفة ذات أثر كبير في تقرير آراء الناس ومدى تبنيهم فكرا أو توجها معينا. لهذا جاءت محاولات النيل من الدول والجيوش بتطبيق التأثير البصري على الصغار والكبار، الكل يمكن أن يراجعوا أثر البصريات في نتائج أكبر الحروب التي خاضتها أمم كثيرة.
كل هذا لا ينفع أولئك الحكماء الذين لا يستطيعون أن يقنعوا أبصار من يتابعونهم، وإن كانوا من العباقرة، إلا إذا تمكنوا من اكتشاف يغير وجه العالم، عندها قد يشفع لهم العلم وتطبيقاته بعيدا عن أشكالهم الخارجية، ولكم أن تراقبوا الشخصيات التي حصلت على جائزة نوبل وغيرها من الجوائز المحكمة، ممن حصلوا على مراكزهم دون النظر إلى مظاهرهم، وهذه حالات شاذة.
أرجع إلى الحديث عن مخاطر التوجه الحديث الذي يجعل شخصيات ذات قابلية مادية تقرر توجهات الناس ورغباتهم فيما يمكن تسميته بالدعاية البيضاء. فإن تحولت لأي سبب نحو قذف الوقود على النار، وتمكنت من التأثير في الولاء وإبعاد الناس عن قيمهم وأخلاقهم، فهي هنا من المخاطر التي يجب أن يعمل الجميع على مقاومتها والحد من تأثيرها.
هنا لا بد من التوعية بمخاطرالذين يحاولون أن يسيئوا للحمة الوطنية، أو ينشروا ما يفرق المجتمع، ويظهر الفوضى والفساد في الأرض، أو ينشروا الدعايات الفاسدة التي تحمل أهدافا وأجندات معادية، همها الإضرار بالوطن والمواطنين. إن كشف هؤلاء وإيقافهم عند حدهم مسؤولية وطنية على عاتق الجهات المختصة، بعد أن تحدد أولوياتها بالأمور القابلة للتنفيذ، والحامية للوطن بدلا من الأمور الشخصية المختلف عليها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي