النفط الصخري لا يمكن أن يلعب دور «المنتج المتأرجح»

بعد مرور أكثر من عامين على تراجع أسعار النفط، حان الوقت لوضع الأمور في نصابها بشأن قدرة النفط الصخري في الولايات المتحدة على لعب دور المنتج المرجح عالميا. دورة تراجع الأسعار الحالية جعلت من الواضح جدا أن النفط الصخري ليس "مفتاح إضاءة" يمكنه أن يطفئ أو يشغل الإضاءة على الفور. هذا الدور، في الوقت الراهن، لا يمكن أن تلعبه إلا "أوبك" وبالذات السعودية. ولكن موارد النفط الصخري في الولايات المتحدة قادرة على رفع الإنتاج بسرعة أكبر من جميع بدائل النفط التقليدي الرئيسة المتاحة للصناعة النفطية، وهذا هو التطور الرئيس.
في هذا الجانب، يقول عديد من المديرين التنفيذيين في الصناعة إن النفط الصخري في الولايات المتحدة ليس منتجا متأرجحا، بل هو منتج قصير الدورة، أي لا يتطلب وقتا طويلا لتطويره. الفرق هو أن النفط الصخري يحتاج إلى ما بين ستة أشهر و 12 شهرا لإضافة نفط جديد إلى الأسواق، حيث إن المنتجين يحتاجون فقط إلى استحصال التصاريح وحشد عدد قليل من منصات الحفر لتطوير تشكيلات جديدة. لكن على الصناعة التعامل مع حقيقة أن نحو ربع العاملين في قطاع الخدمات النفطية في الولايات المتحدة قد تم تسريحهم من العمل.
استجابة النفط الصخري، إضافة إلى انخفاض تكاليف التطوير خارج منطقة الخليج العربي، يعني أن هذه الموارد ستواصل القيام بدور مهم في أسواق النفط العالمية، خاصة إذا استمرت «أوبك» في مقاومة إدارة السوق النشطة، كما فعلت لمدة ثماني سنوات. بإمكان النفط الصخري في الولايات المتحدة أن يخفف أو يمنع نقصا محتملا في الإمدادات ناجما عن النقص الحاد في الاستثمار في المشاريع التقليدية على مدى العامين الماضيين.
ومن الممكن أيضا أن يكون النفط الصخري مصدرا مهما للإمدادات، فيما إذا وضعت أسعار الكربون أو أي سياسات مناخية أخرى غطاء على أسعار النفط. تطوير المشاريع في المياه العميقة، والقطب الشمالي والرمال النفطية غالبا ما يكون أكثر تكلفة من تكاليف تطوير تشكيلات النفط الصخري الرئيسة في الولايات المتحدة ـــ هذه الفجوة من الممكن أن تتفاقم في حال فرض أسعار كربون. وعلى المدى القصير، التوقعات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية و"أوبك" ما زالت تتوقع تراجع إنتاج النفط في الولايات المتحدة في العام المقبل، ولكن كلا منهما قد قلل بصورة مستمرة من مرونة إنتاج النفط الصخري الأمريكي خلال فترة انكماش الأسعار. أحدث تقرير لإدارة معلومات الطاقة يتوقع أسعار نفط في حدود 52 دولارا للبرميل في عام 2017. في هذا الجانب، أشارت شركات النفط الصخري الرئيسة إلى أنها قادرة على العودة إلى النمو القوي عند أسعار نفط بين 55 و60 دولارا للبرميل.
في دورة تراجع الأسعار، أثبت النفط الصخري أنه لا يمكن الاعتماد عليه للحد من فائض الإمدادات في الوقت المناسب بصورة فعالة مماثلة لخفض إنتاج "أوبك". لقد قاوم النفط الصخري باستمرار ضغوط الأسعار بسبب طبيعة قطاع التنقيب والإنتاج في الولايات المتحدة. حيث إن تشكيلات النفط الصخري تدار من قبل مئات من منتجي هذا القطاع المستقلين، ولا توجد جهة موحدة تسيطر على الإنتاج، بل إن جميع المنتجين يحاولون الحفاظ على أعلى مستوى إنتاج.
من جهة أخرى، عندما تقرر منظمة "أوبك" خفض الإنتاج، بإمكان الدول الاستجابة لهذا القرار في غضون أيام أو شهر. ولكن في الولايات المتحدة، جميع المنتجين المستقلين يريدون التمسك بإنتاجهم لأطول فترة ممكنة للحفاظ على التدفقات المالية، على أمل أن يتحمل منتج آخر مسؤولية خفض الإنتاج.
في الواقع، قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة لم يبن لإدارة أسواق النفط مثل "أوبك"، والشركات العالمية السبع الكبار أو هيئة سكة حديد تكساس، بغض النظر عن فعالية هذه الكيانات عبر تاريخ الصناعة النفطية الطويل في القيام بدورها كمنتج متأرجح. بدلا من ذلك، من المرجح أن يسهم النفط الصخري في زيادة تقلبات الأسعار أكثر من تخفيفها، حيث إن الإنتاج في نهاية المطاف سيستجيب إلى الأسعار، ولكن بطريقة فوضوية وغير متوقعة. ومن غير الواضح أيضا إلى متى يبقى النفط الصخري في الولايات المتحدة، الذي يشكل 5 في المائة فقط من المعروض العالمي، محافظا على موطئ قدم مهم في مزيج إمدادات النفط العالمية؟
في هذا الجانب، قدم أحدث تقرير عن "آفاق الطاقة العالمية إلى عام 2040" لوكالة الطاقة الدولية مدى واسعا لاحتياطيات وإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة من خلال مجموعة متنوعة من فرضيات الأسعار. في هذا الخصوص أشار التقرير إلى أن إنتاج النفط الصخري في عام 2025 يمكن أن يراوح بين أقل من مليون برميل في اليوم وأكثر من ثمانية ملايين برميل في اليوم اعتمادا على كيفية الاستجابة لهذه المتغيرات. وهناك اعتبار آخر وهو مالي. لقد تمكن معظم منتجي النفط الصخري الأمريكيين من الإفلات من احتمال الإفلاس في الوقت الراهن، ولكن لا تزال ميزانياتها العمومية محملة بالديون، لذلك النمو سيأتي حصريا من التدفقات النقدية الجديدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي