رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


أهمية تبادل المعلومات الائتمانية خليجيا

الاقتصاد الحديث أيا كانت توجهاته ومستويات تطوره إنما هو مرهون أساسا بوجود نظام مصرفي متوازن، فالاقتصاد يعتمد على حجم المدخرات من أجل تعزيز الاستثمار ومن ثم تحفيز الإنتاج والعرض الكلي في آخر السلسلة، ومن الجانب الآخر فهو يعزز من القوة الشرائية من خلال منح القروض الاستهلاكية، التي تعزز الطلب الكلي في نهاية المطاف، فالمصارف تحقق التوازن الاقتصادي وتمكن الحكومة من تنفيذ سياسات اقتصادية أكثر حصافة وتحفيز الاقتصاد أو كبح جماح النمو والأسعار إذا لزم الأمر. ليس هذا فحسب، بل إن المصارف تحقق رقابة فعالة على مصادر الأموال، وتمكن الحكومات من تتبع المصادر المشبوهة ومحاربة غسل الأموال. وإذا كان هذا كله صحيحا وأدركته الأمم على مستوى الدولة الواحدة فيجب أن يكون صحيحا أيضا على مستوى التكتلات الاقتصادية، وأي تكتل يريد التحول إلى مرحلة الوحدة الاقتصادية لا بد أولا من توحيد النظام المصرفي. لقد جاءت توجهات الاتحاد الأوروبي نحو توحيد العملة ودمج اقتصادات الدول الأعضاء بعضها بعضا وتسهيل حركة العمال والأعمال بناء على نظام مصرفي متكامل ومترابط، مع تبادل كامل للمعلومات الائتمانية، وهذا قدم بيئة قوية لتوحيد العملة وتطبيق إجراءات اقتصادية أكثر صرامة ومنها ضبط العجز في ميزانية الدول الأعضاء، وبما أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تسعى إلى بناء وحدة اقتصادية وتكامل في هذا الشأن، فإن إقرار قادة دول المجلس في قمة البحرين تبادل المعلومات الائتمانية يعد إشارة واضحة وخطوة مهمة نحو توحيد السوق المصرفية في دول المجلس.
لقد سبقت هذه الخطوة المهمة قرارات من بينها فتح فروع للمصارف في دول المجلس وكذلك تطوير الشبكة الخليجية للمدفوعات وهناك اجتماع دوري للجنة الفنية لنظم المدفوعات في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي تجتمع في الأمانة العامة وتناقش عددا من الموضوعات من بينها تطبيق وثيقة الضوابط التشغيلية للشبكة الخليجية، والتشغيل والربط الثنائي لنقاط البيع عبر الشبكة الخليجية، واستعراض المستجدات حول مشروع ربط أنظمة المدفوعات في دول المجلس. فالعمل على توحيد النظام المصرفي قائم منذ فترة طويلة، لكن كما عوّدنا القادة على العمل بهدوء وأخذ كل تجربة حقها من الوقت حتى تتبين جميع العوائق والمخاطر واليوم يأتي إقرار تبادل المعلومات الائتمانية ليجعل عمليات تحويل الأموال لحظيا، وسيسهل التمويل، كما صرح بذلك لـ"الاقتصادية" عدد من المختصين والخبراء، فإجراءات تبادل المعلومات في السوق المصرفية بين دول الخليج ستسهم في ارتفاع الثقة بسبب توحيد قاعدة البيانات، التي تشمل تاريخ الائتمان لجميع العملاء، ومنحهم الائتمان وتقييم المخاطر وفي الوقت نفسه وضع تاريخ ائتماني موحد لهم وهذا كله سيمكن المصارف في جميع الدول من منح القروض ومن زيادة حجم التمويل في اقتصاد أي دولة من دول المجلس، وهذا بدوره سوف يسهم في زيادة حجم الاستثمار، وتحفيز حلول التنمية وخاصة مع توجه دول المجلس نحو دعم القطاع الخاص وزيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وإضافة إلى أن تبادل المعلومات الائتمانية بين دول المجلس، سيجعل عمليات تحويل الأموال لحظيا، وسيسهل التمويل، إلا أنه سيمكن من ضبط ومتابعة عمليات غسل الأموال، فتبادل المعلومات يمكن الدول من الوصول إلى قاعدة ضخمة من البيانات وبأقل تكلفة، ما يحقق سرعة في التتبع مع إمكانية واسعة للوصول. وهذه الرقابة ستمنح دول المجلس ثقة عالمية وهو ما سيسهم في تدفق الاستثمارات الأجنبية الآمنة وسيعزز من القدرة على التفاوض وفرض شروط التكتل الاقتصادي الخليجي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي