شمس الطاقة المتجددة في اليابان آخذة في الغروب
يفقد الإلحاح للتحول إلى الطاقة الخضراء في اليابان كثيرا من بريقه. فعلى الرغم من تنفيذ مشاريع مثل مزرعة الطاقة الشمسية العائمة الضخمة بالقرب من طوكيو، يبدو أن شمس ازدهار الطاقة المتجددة والنظيفة في اليابان آخذة في الغروب، حيث تقوم الحكومة بخفض الدعم في هذا المجال وتتجه للرهان على الطاقة النووية والطاقة المستمدة من الفحم. وقد انتهى العمال لتوهم في محطة توليد الكهرباء العائمة – وهي واحدة من أكبر المحطات في العالم - من تركيب نحو 50 ألف لوحة مترابطة على خزان لسد ضخم، تشغل مساحة تعادل عدة ملاعب بيسبول في حجم استاد قبة طوكيو. وينتظر من هذا البساط الشاسع من اللوحات توفير الطاقة اللازمة لقرابة خمسة آلاف منزل في بدايات عام 2018م. ويحتل هذا المشروع قلب موجة استثمارات الطاقة المتجددة التي تهيمن عليها الطاقة الشمسية التي حدثت عقب كارثة فوكوشيما النووية في عام 2011، ذلك الحادث الذي أجبر اليابان على إغلاق المفاعلات التي كانت تمدها بنحو ربع الطاقة اللازمة لها وهي الدولة التي تعاني فقر الموارد. وقبل وقوع حادث فوكوشيما كانت اليابان ذات الموارد الفقيرة تعتمد على المحطات النووية لتوليد نحو 30 في المائة من الطاقة اللازمة للدولة.
وتعتزم الحكومة اليابانية خفض الدعم الذي ساعد لفترة طويلة على نمو حجم الطاقة النظيفة ولا سيما فيما يتعلق بالطاقة الشمسية. وقد تباطأ السعي نحو أهداف طموحة لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة بسبب مقاومة شركات المرافق والمخاوف بشأن تكاليف مشاريع الطاقة المتجددة في الوقت الذي تتوافر فيه واردات الوقود الأحفوري الرخيصة، وكذلك المخاوف المتعلقة بسلامة المشاريع وأثرها البيئي.
ومن أجل سد الفجوة اضطرت شركات التزويد بالكهرباء منذ عام 2012 إلى شراء الطاقة من منتجي الطاقة الخضراء - بما في ذلك الطاقة الشمسية - بأسعار أعلى من أسعار السوق – تعرف باسم رسوم الطاقة المتجددة - تحددها الحكومة في كل عام. لكن الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة أصيبت بركود ويتوقع لها الانخفاض في السنوات المقبلة، عندما تقوم طوكيو بخفض دعمها في حين تحتفظ السلع بما في ذلك الفحم والنفط والغاز الطبيعي بأسعارها الرخيصة. وتواجه اليابان أيضا نقصا في الأراضي اللازمة لإقامة منشآت جديدة للطاقة الشمسية.
وفي الواقع ليس هناك سوى اتصال محدود للغاية بين شبكات النقل، الأمر الذي يجهض التطلع لإيجاد سوق طاقة وطنية حقيقية. وتشيد شركة كيوسيرا - التي تقف وراء المزرعة الشمسية العائمة جنوب طوكيو - محطة للطاقة الشمسية على ملعب جولف مهجور. وقد شهد قطاع الطاقة الياباني عديدا من التحول والتحرك منذ عام 2012م، مثل ضعف الدعم الحكومي، وبدائل الوقود الأرخص سعرا، وإصلاح قطاع الكهرباء، وهو ما أسهم بشكل جماعي في تباطؤ النمو. ولا تسهم الطاقة الشمسية سوى بجزء صغير من مزيج الطاقة في اليابان بلغ 3.3 في المائة في عام2015م. لكن طوكيو صرحت بأنها تريد أن تصبح الطاقة المتجددة - بما في ذلك الطاقة المائية وطاقة الرياح أيضا – مصدرا لقرابة 22 إلى 24 في المائة من إجمالي مزيج الطاقة بحلول عام 2030.
ويأمل أنصار الطاقة المتجددة أن يسهم سوق الطاقة المفتوحة في خفض الأسعار والدفع نحو إدخال تحسينات على موثوقية واستقرار النظام. ولا شك أن المشاريع المرتبطة بشبكات المرافق هي التي تقود المسيرة حتى الآن. بينما في المقابل لم ينم سوق المشاريع الشمسية السكنية كثيرا. ومن ثم لا تزال هناك مساحة أكبر بكثير للنمو، حيث ترتكز إمكانات الطاقة الشمسية المستقبلية في اليابان مباشرة الآن على أسطح ملايين المنازل. وتثير اليابان الدهشة والتعجب أيضا بوضعها خططا لاستثمار مليارات الدولارات في الداخل والخارج في محطات جديدة للطاقة تعتمد على الفحم رخيص السعر، سعيا كما تدعي إلى تحقيق مزيد من الطاقة الخضراء لليابان. وهذه التحديات – في حال عدم تداركها – من شأنها أن تحد من قدرة البلاد على استيعاب الطاقة المتجددة المتقطعة وجني ثمارها.
وتضع اليابان أمن اقتصادها وطاقتها رهنا على استثمارات الفحم المحفوفة بالمخاطر. وجاءت اليابان بين الدول الأسوأ في الأداء من حيث تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ذات الصلة بالطاقة وفقا للتصنيف السنوي الذي صدر خلال محادثات الأمم المتحدة حول المناخ في نوفمبر. ويبدو أن اليابان تضع قيودا على سياسات الطاقة المتجددة، وتصب تركيزها على إعادة النظر في الاعتماد على الطاقة النووية وبناء محطات توليد كهرباء جديدة تعمل بالفحم. ويرى بعض النقاد أنه يجب عدم وضع كثير من الأمل على التزام طوكيو طويل المدى بالتحول إلى الطاقة المتجددة.