السعودية صمام الأمان الخليجي العربي

تأتي الجولة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في ظل تطورات متلاحقة إقليميا ودوليا. فضلا عن أنها تسبق بأيام انعقاد الدورة الـ 37 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي في البحرين، إلى جانب طبعا الأحداث ذات الصلة على الساحة، ولا سيما الحرب التي يقوم بها التحالف العربي ضد الحوثيين وعصابات المخلوع صالح لإعادة الشرعية إلى اليمن، وما يجري في المنطقة العربية بشكل عام، خصوصا في التداعيات الراهنة في كل من العراق وسورية. دون أن ننسى التدخلات التخريبية لإيران في هذا البلد أو ذاك، بعد أن تأكد للعالم للمرة الألف أن هذا البلد لا يريد خيرا للمنطقة ولا للساحة الدولية أيضا. كما تأتي الجولة المهمة لخادم الحرمين الشريفين، في ظل تصاعد التحرك الخليجي الراهن، فيما يرتبط بالعمل على استقرار سوق النفط العالمية، والآنية للاتفاق النفطي الأخير.
وتمثل الجولة التي تشمل الإمارات وقطر والبحرين والكويت أهمية، ليس فقط للأسباب السابقة، بل لأنها تأتي أيضا ضمن الإطار الاستراتيجي لكل المنطقة العربية، نظرا لما تمثله المملكة من ثقل إقليمي كبير، له ركائزه العالمية. فالجميع يعلم أن المنطقة العربية كلها تتعرض لتهديدات مختلفة، خصوصا من جانب إيران التي ترغب في اضطرابات لا تتوقف في هذه المنطقة، وتكريس عملياتها التخريبية والتدميرية في كل البلدان التي تستطيع الوصول إليها. ولا يمكن أن تمر من هذه المرحلة الحساسة، إلا بتعاون متواصل بين البلدان المحورية فيها. والسعودية تقوم في الواقع بتوفير ما أمكن من الإمكانات لتحقيق ذلك، وتطوير التعاون بما تفرضه المستجدات والمفاجآت على الساحة.
لم يمر العالم العربي بمرحلة توتر ومخاطر كتلك التي يمر بها حاليا، وفي ظل اضطرابات مختلفة في غير بلد عربي، والتدخلات التخريبية المشار إليها، يأتي التحرك الخليجي على أكثر من صعيد لاحتواء ما يمكن احتواؤه من أضرار، ولمعالجة المشكلات، ولحماية المصالح العربية المختلفة، ولاسيما تلك التي تشترك في مصير واحد. فالمنطقة مهددة، وستظل كذلك طالما أن للأشرار مخططاتهم التي باتت مفضوحة، ولا يمكن مواجهة التهديدات إلا بالتعاون المتواصل على أسس مستدامة، ووضع أسس صلبة لمواجهة التحديات بكل أنواعها. ومنطقة الخليج العربي أكثر المناطق عرضة للمخاطر ليس فقط بوجود إيران بنظامها التخريبي الحالي، بل أيضا لاضطراب القرار العالمي بشكل عام. فأنت لا يمكن أن ترسم سياسات طويلة الأمد في ظل هذا الاضطراب الذي أسهم فيه بصورة مباشرة وجود باراك أوباما في البيت الأبيض على مدى السنوات الثماني الأخيرة.
هناك كثير من التطورات في الأشهر القليلة المقبلة، والتعاون الخليجي الذي دعت المملكة لأن يكون اتحادا في مرحلة لاحقة بعد دراسات وتجارب، يعد النقطة الأساس لأي تحرك ليس خليجيا فحسب بل عربي أيضا، على اعتبار المرجعية العربية لدول مجلس التعاون. ومما لاشك فيه، أن المسؤولية التي تضطلع بها المملكة كبيرة للغاية، خصوصا في ظل الاستهداف المنظم للمنطقة كلها، من أجل نشر سياسات واستراتيجيات لا يمكن أن تنتج إلا الخراب. السعودية لن تقبل بأي تجاوزات يمكن أن تحدث في المنطقة، مهما كانت الأسباب أو المبررات، كما أنها تبقى صمام الأمان ليس للمنطقة الخليجية فقط، بل لكل العرب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي