أسرار الشفاء «2»

حار الباحثون في الإجابة عن السؤال الذي ختمت به المقال السابق، بعد أن وجدوا أن نسبة الشفاء من الأمراض عالية باستخدام “البلاسيبو” حتى بعد أن أعلموهم أنه دواء وهمي قبل التجربة ومع ذلك تم شفاؤهم.
هنا عزم أحد العلماء على القيام بتجربة فريدة من نوعها، حين قرر دراسة التغيرات الكيماوية التي يحدثها العلاج الوهمي في الجسم، وهل فعلا لديه القدرة على أن يعمل في أجسادنا بالطريقة نفسها التي يعمل بها الدواء الحقيقي؟!
لهذا جلب مجموعة من الرياضيين إلى معمله فوق سفح جبل جليدي لمراقبة تأثير نقص الأوكسجين على أجسادهم، وهل إعطاؤهم جرعة من الأوكسجين الوهمي يحدث تأثيرا حقيقيا في أجسامهم ويخفف معاناتهم من نقص الأوكسجين، وبالفعل أجرى التجربة ولاحظ أمرا غريبا، وهو زيادة في إفراز نوع من أنواع الناقلات العصبية يدعى (بي جي إي 2) مع نقص الأوكسجين؛ فيشعر الشخص بالتعب والإجهاد أو ما يعرف بـ (داء المرتفعات) وكانت المفاجأة أن إفراز ذلك الناقل لم يرتفع مع الذين استخدموا الأوكسجين الوهمي، رغم أن مستوى الأوكسجين كان منخفضا ولم يزد عن 84، فلم يشعروا بالتعب بل قطعوا مسافات طويلة أي أن تأثير العلاج الوهمي لم يكن نفسيا فقط بل رافقه تغير كيماوي! وهنا يأتي دور معجزة وآية عظمى من آيات الله في الكون، وهي الجسم البشري الذي يشكل لنفسه نقطة الدفاع الأولى بإفراز بعض المواد الكيماوية التي تساعده على الشفاء ومقاومة الأمراض بمقدار معين، وهذا ما أسماه العلماء بـ (الصيدلية الداخلية) أحد أهم وأقوى وسائل الجسد في محاربة الألم والأمراض الجسدية وحتى النفسية دون الحاجة إلى محفزات خارجية، يعمل العلاج الوهمي “البلاسيبو” على تعزيز إفراز الجسد لهرمون الإندروفين الذي يفرز تلقائيا من الغدة النخامية ويطلق عليه (الشفاء الذاتي) وهو من أهم مسكنات الآلام الطبيعية ونظرا لأن إفرازه في الجسم متفاوت، وقد ينقص لسبب ما؛ لذا يحتاج إلى الحث بواسطة مساعدات خارجية مثل الأدوية الحقيقية والعقاقير الوهمية أو بواسطة رسائل موجهة إلى المخ عن طريق المريض نفسه أو الطبيب المعالج فيحصل ربط بين عمل الصيدلية الداخلية والمؤثرات الخارجية ويحدث الشفاء ـــ بإذن الله!
من هنا ينجح الطب البديل الذي يعتمد على القوة الشفائية للمريض، فالشفاء لا يكمن في حبة دواء أو عشبة إنما هي عملية تكاملية أساسها خطابك لعقلك وإيقاظ القوى النائمة بالأمل والتفاؤل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي