الماء .. أغلى مفقود وأرخص موجود
حضرت في الأسبوع الماضي افتتاح "ملتقى الاستثمار في المياه"، الذي عقد في الرياض ونظمته وزارة البيئة والمياه والزراعة والمؤسسة العامة لتحلية المياه والشركة الوطنية للمياه، وهي الجهات المعنية بتوفير المياه لشعب، من أكبر الهموم والتحديات أمامه توافر المياه، لأنه في بلد صحراوي شحيح الأمطار، "إلا في مثل هذه الأيام"، التي فرح فيها الناس بالأمطار، على عكس الدول التي من كثرة هطول الأمطار فيها أصبح الأمر عاديا لا يفرح به أحد. والماء يظل مشكلة الإنسان لأنه كما جاء في الأمثال "أغلى مفقود وأرخص موجود"، ونأمل أن يظل سعره كذلك، وألا يدخل فيه جشع الباحثين عن أعلى معدلات الربح، بعد دعوة القطاع الخاص إلى الاستثمار فيه. وهنا يأتي دور وزارة البيئة والمياه والزراعة، التي تمثل الجانب المؤتمن على توفير المياه بأسعار مناسبة لا ترهق محدودي الدخل. ولقد بشر الوزير المهندس عبدالرحمن الفضلي في كلمة الافتتاح "إن الوزارة وجميع الجهات التابعة لها تتطلع إلى تطوير أعمال المياه إنتاجا ونقلا وتوزيعا بمشاركة القطاع الخاص، من خلال المساهمة في تنفيذ المشاريع وتوفير مصادر جديدة للمياه، إضافة إلى تأهيل المصادر القائمة لمواجهة حجم النمو في الطلب وتوسع المدن"، انتهى كلام الوزير، وأقول إن المواطن يؤمل أن زيادة العرض في المياه ستؤدي إلى انخفاض التكلفة كما هو قانون العرض والطلب المتعارف عليه، وإن لم يكن خفضاً فعلى الأقل المحافظة على السعر الحالي. والمهم في هذه المرحلة العمل على البحث عن تقنيات حديثة لخفض تكلفة إنتاج المياه المحلاة من البحر، فهي المصدر الأول لمياه الشرب أمام الشح في مصادر المياه الجوفية الصالحة للشرب في بلادنا.
وعودة إلى موضوعات الملتقى، الذي يعتبر منصة تجمع بين المستثمرين والمتحكمين الأساسيين في المياه محلياً ودولياً، أقول إن حجم فرص الاستثمار التي ستطرح على القطاع الخاص خلال السنوات الخمس المقبلة سيصل إلى أكثر من 220 مليار ريال، وسيكون للقطاع الخاص دور مهم في الاقتصاد الوطني وفي المياه على وجه الخصوص، ولذا فإن القطاع الخاص يطالب بتحديد الدور الذي سيقوم به وفق تشريعات وإجراءات واضحة للاستثمار في هذا المجال. وقد أظهر القطاع الخاص جاهزيته خلال المنتدى، لكنه ركز على تحديد الأجهزة المنظمة والمسؤولة عن معالجة أي إشكالات قد تظهر خلال الاستثمار في قطاع المياه. وكانت الإجابة أن وزارة البيئة والمياه والزراعة تعمل حالياً على وضع هذه الأنظمة والضوابط، وستكون جاهزة خلال الربع الأول أو الثاني من عام 2017.
وأخيراً، يؤكد خبراء ومختصون في المياه أنه بفضل اهتمام السعودية ودول الخليج العربي بزيادة إنتاجها من المياه المحلاة، تطورت أبحاث التحلية عالميا، وأُدخلت تقنيات حديثة كان آخرها التحلية بواسطة الفلاتر ذات الثقوب الدقيقة، وهي أقل تكلفة من التقنية السابقة التي تعتمد على التبخير، وستكون التكلفة أقل بكثير لو وجه بعض الاستثمار الذي عُقد من أجله الملتقى لتصنيع الفلاتر محلياً بدل استيرادها. وكما ذكرت من قبل فإن همّ المواطن ألا تصاحب ذلك زيادة في تكلفة المياه، التي هي مصدر الحياة لكل كائن حي.