هل الابتسامة من الإيمان؟
هل الابتسامة من الإيمان؟ بصرف النظر عن الإجابة بالنفي أو الإيجاب، لا أحد يجادل أن الابتسامة مطلب ديني واجتماعي وإنساني، فالابتسامة الصادقة النابعة من شغاف القلوب تفعل مفعولها السحري في جسد الإنسان وروحه وتعامله وسلوكه، بل وفي الآخرين من حوله! لذلك يقال دائما "اضحك للدنيا تضحك لك"! إذن.. ما المقصود بالابتسامة؟! لا يوجد تعريف مانع وشامل لهذا التعبير الجميل، الذي يتشكل ويرتسم على وجوهنا كل يوم، وأحيانا كل ساعة، إن كنا من المحظوظين. فالأرجح أن توصف "الابتسامة" بأنها تعبير يتشكل على وجه الإنسان، من خلال حركة عضلات الوجه، من أجل التعبير عن السعادة والرضا، أو القلق، أو التعجب، ولا يقل عن ذلك أهمية أنها مؤشر على الصحة الجسدية والنفسية! ويقال دائما إن العضلات التي تتحرك عندما يبتسم الإنسان تفوق في عددها تلك التي تتحرك عندما يحزن ويكتئب! ومن الطريف أن الشهرة غير المسبوقة التي تحظى بها لوحة موناليزا الموجودة في متحف اللوفر في باريس تعزى إلى ابتسامتها الفريدة! ويعتقد أحد العلماء أن الابتسامة تحفز هرمون السعادة "الأندروفين" بدرجة أقوى من تحفيز الشكولاتة، وأنها ـــ أي الابتسامة ـــ تعد محفزا يعادل تسلم الإنسان مبلغ 16 ألف جنيه استرليني!
وأعظم مما سبق، فإن الابتسامة صدقة مستدامة، لا تنضب ولا تنقطع إلا بموت الإنسان! فإذا كان أفضل الخلق - عليه الصلاة والسلام - يبتسم في وجوه أصحابه ويحثنا على الابتسامة، فلماذا يكثر البعض من "التكشير" في وجوه الآخرين، وكأنهم ينفقون على البشر من أموالهم؟! أليس الأجدى أن نبتسم ونكسب الأجر والثواب؟! فمن سيرة الرسول ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وأقواله الكثيرة: قوله "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق"، وكذلك "تَبَسّمكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ"، وأيضا "إِنَّكمْ لا تَسَعونَ النَّاسَ بِأَمْوَالِكمْ، وَلَكِنْ يَسَعهمْ مِنْكمْ بَسْط الْوَجْهِ، وَحسْن الْخلقِ". ويقول عبدالله بن الحارث بن حزم: "ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".
لا تستغرب ــــ عزيزي القارئ ــــ الاهتمام الديني والعلمي الكبير بالابتسامة، لأنها تعبير سحري يسهم في علاج الأمراض، ويساعد على الهضم، ويحافظ على نضارة الشباب، ويضفي على الوجه جمالا وتألقا وبهاء، وربما يطيل العمر، ويزيد النشاط الذهني، ويعزز مناعة الجسم، ويعالج الكآبة والأرق، إلى جانب أن الابتسامة تدخل الراحة والاطمئنان لدى الآخرين، ويمكنك أن تتخيل ماذا تعني ابتسامة طبيبك؟ أو ماذا تفعل ابتسامة مديرك في العمل؟ أو ابتسامة زوجتك؟ بالتأكيد تفعل هذه الحركة البسيطة وغير المكلفة مفعولها، لأنها الطريق الأقرب إلى قلوب الناس.
والسؤال الذي ربما أنه قفز إلى ذهن القارئ أثناء قراءة هذه السطور: هل شعوبنا العربية مبتسمة وسعيدة؟! بحثت عن مسح إحصائي أو مؤشر للابتسامة أو السعادة، فلم أجد سوى مؤشر السعادة الدولي لعام 2015، الذي يشير إلى أنه على الرغم من أن الشعوب العربية ليست أسعد الشعوب، فإنها ليست أتعس الشعوب، باستثناء سورية والسودان اللتين احتلتا المرتبتين 156 و133 على الترتيب؛ في حين جاءت بعض الدول العربية في مراتب وسطى، تسبق اليابان 53 وإيران 105، وفي الوقت نفسه لا أحسد الدنمارك التي احتلت المرتبة الأولى، أو سويسرا أو أيسلندا أو النرويج أو فنلندا أو كندا أو نيوزيلندا أو أستراليا أو السويد، التي احتلت المراتب العشر الأولى، لكني أستغرب أن تأتي "إسرائيل" في المرتبة 11، متفوقة على الولايات المتحدة وفرنسا واليابان!
وأخيرا أطرح التساؤل، ماذا عن الهيئة العامة للترفيه الجديدة؟ ماذا فعلت لرسم الابتسامة على وجوه الناس، ومن ثم إدخال السعادة في نفوسهم؟! سننظر لنرى!