رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


حلحلة مواعيد «الأحوال»

تشهد مدن المملكة الرئيسة ازدحاما لمراجعي عديد من الإدارات الحكومية التي تتعامل مع الجمهور. وتأتي وكالة الأحوال المدنية ضمن الدوائر الحكومية التي تعاني التزاحم على خدماتها، وكانت طوابير المراجعين تمتد أحيانا إلى مئات الأمتار على نوافذ موظفي الأحوال، كما كانت تأخذ إجراءات إنهاء معاملات من المراجعين معظم يومهم. ولقد خطت وكالة الأحوال المدنية خطوات جيدة للحد من الزحام، ونظمت توافد مراجعيها من خلال نظام مواعيد مسبقة على موقعها في شبكة الإنترنت، يحدد فيها الوقت والفرع. وقد نجح أسلوب المواعيد الإلكترونية لفترة من الزمن، لكن شهدت الآونة الأخيرة صعوبة واضحة في الحصول على مواعيد خصوصا بالنسبة إلى النساء.
يشتكي كثير من المواطنين من صعوبة الحصول على مواعيد، لإنهاء إجراءات الأحوال المدنية في الوقت الحالي، ويستغرق الحصول على موعد من موقع الوكالة ثلاثة أسابيع إلى شهر بالنسبة إلى الرجال في مدينة الرياض مثلا، وهو وقت طويل نسبيا مقارنة بالسابق. أما الحصول على مواعيد للنساء في مدينة الرياض فهو متعذر حاليا، بسبب نفاد إمكانية حجز موعد، وتعاني باقي مدن المملكة الرئيسة المشكلة نفسها. وقد حاولت خلال الفترة الماضية الحصول على موعد لإحدى قريباتي في موقع الأحوال ولم أجد إمكانية حجز إلا في مناطق بعيدة كالقصيم وجيزان. ونظرا لانعدام إمكانية الحصول على موعد فإن على المواطنة المحتاجة إلى الأوراق الثبوتية أو ولي أمرها، ضرورة المحاولة مرات عديدة، ولفترة غير محددة للحصول على موعد من موقع الأحوال على الشبكة العالمية. ولا توجد فترة محددة لنجاح محاولة الحصول على موعد، ولهذا قد تمتد المحاولات لعدة أشهر، وإذا أضيف إلى هذه الفترة المدة التي يستغرقها الموعد لمراجعة الأحوال تكون قد مرت فترة طويلة، تتعطل فيها مصالح المواطنات. ولو قدر الله أن كانت هناك مشكلة في الأوراق المطلوبة، فعلى المراجع المحاولة مرة أخرى والانتظار لأشهر أخرى. ولا أعتقد أن أحدا من المسؤولين يرضى بذلك ولا بما يسببه التأخير في خسارة فرصة عمل أو تعطيل تأسيس منشأة أو إلغاء الالتحاق بمؤسسة علمية أو سفر مريضة أو أي ضرورات أخرى.
يحتاج المواطن والمواطنة إلى الأوراق الثبوتية وإجراءات الأحوال الضرورية عند الولادة والوفاة، وعند العمل والتقاعد، وعند البلوغ والزواج والطلاق، وعند السفر والإقامة. وعموما يحتاج إليها في كل أحواله، ولهذا فإن تأخير معاملات الأحوال تكبد المواطن تكاليف هو غني عنها، ولا تنفع أحدا، كما أن تأخيرها يعتبر إهدارا غير مبرر للوقت والفرص، ومعوقا للأعمال والنشاط الاقتصادي ومخفضا للكفاءة.
يبدو أن موارد وطاقة وكالة الأحوال المدنية غير قادرة على مواجهة الطلب المتصاعد على خدماتها بالسرعة المرجوة. وتحتاج الوكالة أولا إلى إصلاح نظام حجز المواعيد، والسماح بحجز مواعيد ولو بعد فترة طويلة، فمن غير المعقول ألا يُعطى المواطن - خصوصا النساء - فرصة حجز موعد، وهو أمر ممكن فنيا، حيث يمكن لأجهزة الحاسب توفير ملايين المواعيد. كما تحتاج الوكالة إلى زيادة كبيرة في قدراتها الإنتاجية خصوصا في الفروع النسائية، بما في ذلك زيادة فروعها وعدد العاملات فيها. وللتعامل مع الضغوط الحالية هناك حاجة ماسة إلى الحد من الإجراءات قدر الإمكان، كما ينبغي حث الجهات التي تشترط بعض الاشتراطات الضاغطة على موارد وكالة الأحوال المدنية، كبطاقات النساء، على الاكتفاء ببطاقات أولياء الأمور، ولو لفترة مؤقتة. ونظرا لتطلب زيادة فروع الأحوال في المدن الرئيسة بعض الوقت، يمكن مضاعفة أوقات الدوام وزيادته إلى فترتين كاملتين في جميع الفروع والمقار، وذلك من خلال زيادة العاملين في الفروع الموجودة نفسها. أما زيادة ساعات دوام الموظفين من خلال العمل الإضافي فهي أقل جدوى في التعامل مع ضغوط المراجعين، حيث تنخفض إنتاجية الموظف بعد مضي عدة ساعات، ولهذا فإن زيادة ساعات عمل الموظف قد تأتي بنتائج سلبية، وتزيد من نسبة الأخطاء في العمل.
لا ينكر أحد أهمية الأنظمة والتشريعات في تنظيم الحياة البشرية، لكن تعقيدات البيروقراطية المصاحبة لها تعتبر من أبرز معوقات النشاط الاقتصادي، وقد تنغص على كثير من الأشخاص حياتهم، وتخفض تعقيدات الإجراءات البيروقراطية والتأخر في إنجازها من كفاءة العمالة ورأس المال، وهو ما يتسبب في خفض معدلات النمو ومستويات النشاط الاقتصادي. وتسعى دول العالم باستمرار إلى تحسين الإجراءات البيروقراطية، ورفع كفاءة الأجهزة الرسمية. وأعتقد أن الأجهزة الرسمية في المملكة لا تقل حرصا عن دول العالم في تسهيل إجراءات المواطنين، والحد من المعوقات البيروقراطية، لكن قد لا يحالف بعضها التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي