الشريعة وضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في مؤتمر بالمدينة المنورة
رعى الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة البارحة الأولى, حفل افتتاح مؤتمر ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الإسلام, الذي تنظمه جائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة, بمشاركة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، بحضور الأمير نواف بن نايف بن عبدالعزيز عضو الهيئة العليا للجائزة, وجمع من العلماء, وضيوف المؤتمر من باحثين وأكاديميين من داخل المملكة وخارجها.
وأكد الدكتور سردار يوسف وزير الشؤون الدينية والحج والأوقاف في باكستان في كلمة له نيابة عن ضيوف المؤتمر والمشاركين، أن المؤتمر جاء في توقيته الصحيح، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تشكل جزءاً كبيراً من حياة كثير من الناس حول العالم وانتشرت من خلالها فوائد كثيرة ومنافع جمة، وفي الوقت نفسه لا تخلو من مضار عظيمة وشرور مستطيرة إذا استخدمت بشكل سلبي, مبيناً أن المؤتمر يقوم بدور الوقاية وتبيان الحقيقة وإنارة الطريق لكل من يتعامل مع شبكات التواصل الذين نشاركهم هذا العالم الفسيح.
ونوّه وزير الشؤون الدينية والحج والأوقاف في باكستان, بالاهتمام الدائم الذي توليه المملكة لقضايا الأمة الإسلامية وقضايا شبابها, مؤكداً أن المملكة لم تتوان يوماً من الأيام عن تقديم الخدمات لأبناء الأمة الإسلامية كافة من غير تفضيل لون أو جنسٍ لذلك, معرباً عن استنكاره وشجبه لما حدث من استهداف قبلة المسلمين مكة المكرمة بصاروخ أطلقته الميليشيات الحوثية المفسدة، حيث ثبت بالبرهان الناصع أن أعداء الإسلام يسعون لزعزعة أمن هذه البلاد المباركة, مؤكداً أن باكستان حكومة وشعباً تقف إلى جانب المملكة.
من جهته، أوضح الدكتور حاتم المرزوقي مدير الجامعة الإسلامية، أن عصر العولمة الثقافية وفي زمن الإعلام الجديد أصبح لشبكات التواصل الاجتماعي تأثيراتها في الجميع, خاصة الشباب.
وقال الدكتور المرزوقي: انطلاقاً من الدور الرائد والثابت للمملكة في خدمة الإسلام والمسلمين في شتى المجالات كان لجائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات المعاصرة بالشراكة مع الجامعة الإسلامية السبق في تنظيم مؤتمر ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الإسلام, الذي يسعى للتأصيل الشرعي للتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي والإفادة منها في تعزيز العقيدة الصحيحة والدعوة الإسلامية ونشر منهج الاعتدال والوسطية والتسامح البعيد عن التطرف والغلو والتأكيد على إنسانية الإسلام وأخلاقياته وتعاملاته وتعزيز الانتماء الديني والوطني ووسائل مكافحة الممارسات السلبية وترويج الشائعات ونشر الأفكار المنحرفة.
بدوره، استعرض الدكتور ساعد الحارثي مستشار ولي العهد, الأمين العام للجائزة، أبرز المخاطر التي تحدثها شبكات التواصل الاجتماعي في الجوانب الفكرية والمعرفية والسلوكية للأجيال الناشئة, مفيداً بأن هذا المؤتمر ليس كافياً بل يجب أن تتبعه مؤتمرات ودراسات وورش عمل لكي نصل إلى منطلقات تحقّق التحصين لأجيال الغد, وتكفل الاستخدام الصحيح لمخترع في مقدوره بحكم خصائصه بناء المجتمع أو هدمه.
وأشار الدكتور الحارثي إلى قدرة المفكرين والباحثين في المملكة، على التعامل مع مخاطر شبكات التواصل الاجتماعي، مضيفا "عندما أطلّ شيطان الإرهاب بوجهه القبيح على العالم, وجد المملكة له بالمرصاد, فأحبطت خططه وجفّفت منابعه, وأضحت تجربة المملكة في مكافحة الإرهاب فكرياً وأمنياً تجربة عالمية رائدة, ولمّا أدرك رؤوس الشرّ من مخططي الإرهاب أن خططهم ووسائلهم التقليدية القديمة لم تعد تجدي, وأن مخططاتهم باءت بالفشل, وسوءاتهم بدت وتكشّفت, خلعوا الثوب التقليدي البالي, ولبسوا زياً جديداً, أخفوا به معالمهم القديمة, وتقنّعوا بأقنعة تلائم متطلبات العصر, واستخدموا وسائل تناسب المرحلة الحضارية المعاصرة, فانتقلوا إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت, لبثّ سمومهم وفكرهم الخارجي المارق, واستهدفوا شباب المسلمين وأغروهم ليستخدموا معاول هدمٍ وقنابل تفجير موقوتة, مستغلين عواطفهم الإيمانية وحماستهم الدينية, وظنوا أن استخدامهم وسائل التقنية الحديثة بشبكاتها الاجتماعية سيتيح لهم فرصاً ثمينة للتفرّد بأبنائنا الشباب, ولبثّ شبهاتهم في عقولهم وقلوبهم دون أن يكتشف ذلك.
وبين أن شبكات التواصل الاجتماعي سرّعت وتيرة الحياة وكسرت الضوابط والقيود, وهتكت ستر الخصوصيات ومعايير الأخلاق وعولمة الأفكار, وأصبحت ظاهرة إعلامية ساحرة ومؤثرة, وأضحت منتشرة في العالم أجمع, وكثر مستخدموها, وبدأ سوء استخدامها يفرز آثاراً سلبية انعكست على المجتمعات الإسلامية والعربية عموماً, وأصبح شبابنا بكل أسف مستهدفين في عقيدتهم وفكرهم وأخلاقهم, وكان لا بد من التصدّي لذلك بالعلم والفكر للارتداع وبالحزم للردع.
وأكد أن انعقاد مؤتمر "ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الإسلام" الذي تنظمه جائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة, جاء تأكيداً على عزم المملكة على مواصلة التعامل مع ظاهرة الإرهاب والانحراف الفكري ومحاربته, واستباق خطط الإرهاب, فلم تقف مواجهته على وضع الخطط الأمنية وتنفيذها فقط, بل تتم بنهج علمي حضاري وتقني يفوق تصوّرات رؤوس الضلال ورموزه.
وأوضح مستشار ولي العهد, الأمين العام للجائزة, أن مشاركة أهل العلم والفكر في المؤتمر ستسهم في نشر الوعي المجتمعي تجاه شبكات التواصل الاجتماعي واستخداماتها, وفق ضوابط ومعايير تعزّز الجوانب الإيجابية وتحدّ من الآثار السلبية, وتحدّد دوراً للمؤسسات المختلفة, ولاسيما القضائية في ضبط استخدام تلك الشبكات.