حماية الأسرة من جرائم الإنترنت
لقد بادرت المملكة بإصدار عدد من الأنظمة التي تجرم ممارسات استغلال الأطفال عبر الإنترنت وتحدد الإطارين النظامي والقضائي لها، وذلك من حيث بيان الأفعال المكونة لتلك الجرائم وتحديد العقوبات الرادعة لها، وهي جرائم مشمولة بعدة أنظمة منها نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، ونظام الحماية من الإيذاء، وغيرهما من الأنظمة. وبالفعل هناك مواقع يستغلها الجناة للإيقاع بضحاياهم من الأطفال ومن أبرزها الألعاب التي يدخلها الأطفال، ومواقع الدردشة، ومواقع التواصل الاجتماعي، من قبل الأطفال الذين هم غير مؤهلين لمثل هذه الأمور. ويتم تصيد عناوينهم وصورهم، بل إن بعض الأطفال يقوم أيضا بتصوير مقاطع ويعيدون إنزالها بهدف التسلية ويتم الإيقاع بهم من خلال هذه البرامج.
إن التحرش الجنسي عبر الإنترنت أحد الأساليب التي يلجأ لها المجرمون، وإن كثيرين من أولياء الأمور يغفلون عن الأجهزة التقنية التي بأيدي أطفالهم، ولذا هناك أهمية لتخصيص برامج توعوية لأولياء الأمور، وذلك لتأكيد خطر إهمال مراقبة الصغار في استخدام هذه الوسائل وقد حرصت المملكة على إصدار قانون جنائي يكافح الجرائم المعلوماتية سواء كانت تلك الجرائم إرهابية أو غير إرهابية، فأي استخدام غير قانوني يعتبر محلا للمساءلة الجنائية وبعقوبات محددة وقاطعة، من خلال إجراءات جنائية تبدأ من مرحلة القبض حتى نهاية المحاكمة الجنائية وإصدار حكم بات في الحق العام الخاص إن وجد مع مراعاة الطبيعة التقنية في أدلة الإثبات ضد المتهم، التي تؤكد ارتباطه بالجريمة ومشاركته فيها وتقييمها وفق خطورتها.
ومن هذا الجانب يشدد القضاء السعودي في معاقبة الجناة الذين تثبت إدانتهم في استغلال الأطفال عبر الإنترنت وقد فصل القضاء فعلا في ألف قضية جرائم معلوماتية خلال عام وذلك بمعدل ثلاث قضايا يوميا، وذلك حسبما صرح به وزير العدل خلال مؤتمر الملتقى الوطني للوقاية من الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت حيث بين أهمية هذا الملتقى الذي يتطرق إلى خطورة جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت خصوصا مع تزايد أعداد المستخدمين للإنترنت في المملكة. وهناك بالفعل تغير كبير في مفهوم مسرح الجريمة خصوصا الجرائم الأخلاقية التي هي الأخطر على الأطفال. وقد أثبتت المملكة من خلال ما قدمته من أنظمة ولوائح أنه يمكن التصدي للجرائم الأخلاقية مسبقا ومنع المجرمين قبل تنفيذ جرائمهم البالغة في الإجرام ضد الأطفال الأبرياء وحماية الأسرة والآباء. ومع ذلك فإن دور المجتمع والأسرة بالغ الأهمية في كشف ما يتعرض له الأطفال من اعتداءات وإغراءات تتم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت. لقد تصدت المحاكم الجزائية في المملكة لهذا النوع من الأنشطة الإجرامية ولكن هذه مرحلة العقاب الذي يستحقه الجاني ولكن الوقاية خير من العلاج والتوعية الصحيحة للأطفال والآباء هي الأهم وهي في طور منع وقوع الجريمة ابتداء وسيبقى للأسرة هذا الدور الأهم والأكثر تأثيرا في مكافحة الجرائم المعلوماتية ضد الأطفال.