تسارع وتنامي السوق الإلكترونية
جاء إطلاق منصة "نون" المستقلة للتجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط، في وقت ينشط فيه هذا النوع من التجارة على مستوى العالم، ويزيد من حجم حصته من إجمالي التجارة بكل آلياتها المعروفة. هذه المنصة، وإن استهدفت المنطقة في المرحلة الأولى، إلا أنها تتوجه بعد ذلك نحو السوق العالمية، والأهم أنها ستطرح للاكتتاب في غضون سبع سنوات كما هو مخطط لها. كما أن هذه المنصة اكتسبت أهمية، أيضا بفعل هوية الجهات التي تقف وراءها، وفي مقدمتها بالطبع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يمتلك 50 في المائة منها، ما يعزز الثقة بها في مراحل التحضير والإطلاق والاستدامة والتوسع. علما بأن إطلاقها باستثمارات تصل إلى مليار دولار، يشكل أيضا عاملا مهما لتثبيت نفسها على الساحة في فترة زمنية لن تكون طويلة.
بات التسوق الإلكتروني جزءا لا يتجزأ من الثقافة الاستهلاكية حول العالم، كما أضحى في السنوات الماضية حاضرا متناميا على الساحة في المنطقة، ولاسيما في منطقة الخليج التي حققت (مقارنة بغيرها من البلدان الأخرى في المنطقة) قفزات طويلة المدى على صعيد انتشار الخدمات الإلكترونية سواء الحكومية منها أو الخاصة. أي أن الساحة الخليجية مهيأة إلكترونيا لاستيعاب سوق بحجم "نون"، بل إن هذه الساحة بحاجة بالفعل إلى مثل هذه السوق، خصوصا من ارتفاع عدد السكان فيها الذين يستخدمون منصات تسوق عالمية كبرى ومحلية صغيرة. أي أنها تلبي حاجة ملحة في الشرق الأوسط ككل. صحيح أنها ستركز في البداية على المستهلكين في كل من السعودية والإمارات ومصر، لكن المستهلكين في البلدان الأخرى بحاجة إليها أيضا، ومستعدون لاستخدمها فور إطلاق خدماتها.
وبالنظر إلى أعداد وأنواع المنتجات التي تعتزم طرحها، تبدو أنها حاضنة مثالية للسلع التي يصل عددها إلى 20 مليون سلعة ومنتج، ومع هذا الانطلاق القوي، يمكن لمنصة "نون" أن تستحوذ على حصة جيدة في السوق التجارية، ولاسيما مع مخططاتها لأن تصل بعملياتها إلى ثلاثة مليارات دولار في غضون عشر سنوات. علما أنها تستهدف الحصول على حصة تصل إلى 15 في المائة في المرحلة التي تلي العقد المشار إليه. ولمنصة بهذا الحجم، توابع عديدة في مقدمتها المساحات التخزينية، التي تصل في مرحلة الإطلاق إلى 3.5 مليون قدم مربعة في الإمارات وحدها. وهذه المساحات ستكون أكبر على الساحة السعودية، نظرا للمستوى الكبير الذي تتمتع به السوق في المملكة عموما.
ومع إضافة مصر بصورة سريعة إلى دائرة المستهلكين المستهدفين، من المحتمل أن تنمو المنصة بصورة أكبر من التوقعات، نظرا أيضا لاتساع حجم السوق المصرية، باعتبارها أكبر سوق عربية قاطبة. الخدمات التي تصاحب المنصة كثيرة من بينها بالطبع خدمة التوصيل، ووسائل الدفع المالي، الأمر الذي سيسهم في رفع مستوى التوظيف لديها. إنها ببساطة تسهم في تشكيل مستقبل التسوق الإلكتروني في المنطقة، كما أنها ستلعب دورا رئيسا على ساحة التسوق الإلكترونية العالمية، وكلما اتسعت نطاق خدماتها توسعت مساحتها الجغرافية. ومما لا شك فيه أن الاستثمار في مثل هذا الحراك التجاري، يحمل معه الجدوى الاقتصادية، ولاسيما مع ازدهار "ثقافة" التسوق الإلكتروني إقليميا بعد أن أصبحت جزءا أصيلا من الحراك التجاري العالمي ككل.